كشفت تقارير دولية عن فظائع مرعبة في الفاشر، وتدعو الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق عاجل في الانتهاكات.

في أعقاب الأحداث المأساوية التي شهدتها مدينة الفاشر في شمال دارفور، حيث سيطرت قوات الدعم السريع على آخر معقل كبير للجيش السوداني بعد حصار طويل، أثار ذلك موجة من القلق الدولي حول الانتهاكات الجسيمة التي وقعت. تلقت المؤسسات الدولية تقارير مفصلة تشير إلى وقوع جرائم مرعبة، مما دفع إلى الدعوة لإجراءات فورية للتحقيق والمساءلة. هذه الأحداث لم تكن مجرد اشتباكات عادية، بل تجسد انتهاكات خطيرة للقوانين الدولية، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً للحفاظ على كرامة الإنسان ووقف التدهور الأمني في المنطقة.

دعوة لتحقيق مستقل في الانتهاكات بالفاشر

أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بياناً حثيثاً يدعو إلى فتح تحقيق مستقل وسريع وشفاف حول الانتهاكات الجسيمة التي حدثت في الفاشر ومحيطها. وفقاً لتصريحات المتحدث باسم المفوضية، سيف ماغانغو، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، تلقت المنظمة الدولية تقارير مؤلمة تفيد بوجود عمليات قتل جماعي واغتصاب ونهب واسع، بالإضافة إلى اعتداءات على العاملين في المجال الإنساني. هذه الانتهاكات بدأت بعد مهاجمة قوات الدعم السريع للمدينة في 23 أكتوبر الماضي، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وعاجزين عن القتال، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد القتلى قد يصل إلى المئات. كما أكد ماغانغو أن المكتب الأممي حصل على صور ومقاطع فيديو تظهر بشكل واضح انتهاكات فاضحة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك هجمات على المستشفى السعودي ومراكز صحية أخرى، وأحداث اغتصاب لأكثر من 25 امرأة داخل مأوى للنازحين قرب جامعة الفاشر بعد اقتحامه. يُؤكد البيان أن هذه الانتهاكات قد تكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما يفرض ضرورة إجراء تحقيقات محايدة لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وذلك لمنع تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل.

الجرائم في دارفور الشمالية يعيد ذكريات مأساة 2003

مع تزايد الضغوط الدولية، كشفت تحليلات لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو من قبل مؤسسات إعلامية وحقوقية، عن مشاهد مرعبة تشمل جثثاً ملقاة قرب المنشآت الطبية والأحياء السكنية، إلى جانب بقع دماء وأدلة على إعدامات ميدانية. وفقاً لتقارير صحفية، نفذت قوات الدعم السريع إعدامات داخل المستشفى السعودي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 460 شخصاً من المرضى والعاملين الصحيين، بالإضافة إلى تدمير جزء كبير من المنشأة. لم تقتصر الانتهاكات على القتل، بل شملت عمليات نهب واسعة للمستشفيات ومخازن الغذاء، وارتكاب انتهاكات جنسية ضد المدنيين، وهو ما وصفته منظمات الإغاثة بـ”مجزرة جماعية”. من جانب آخر، نفت قيادة قوات الدعم السريع هذه الاتهامات، مؤكدة على أنها ستقوم بتحقيق داخلي في أي تجاوزات فردية إذا ثبتت، إلا أن مراقبين دوليين يشككون في مصداقية هذه الوعود، معتبرين أن الأحداث الحالية في الفاشر تعيد إلى الأذهان الفظائع التي شهدتها دارفور في عام 2003، حيث كانت الانتهاكات الجماعية سبباً في تدخلات دولية واسعة. يُطالب الخبراء بضرورة التزام جميع الأطراف بقواعد القانون الدولي، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الحقائق ومحاسبة المسؤولين، لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث الإنسانية في المنطقة. في الختام، يُبرز هذا الوضع المتردي في دارفور الشمالية أهمية تعزيز الجهود الدولية للحماية الإنسانية وضمان حقوق الإنسان في مناطق الصراع، مع التركيز على بناء سلام دائم يعزز الاستقرار ويحمي المواطنين الأبرياء.