الحقيقة وراء فيديو يُزعم أنه يوثق احتجاجات في الصحراء الغربية عقب قرار مجلس الأمن.

تداولت حسابات اجتماعية مقطع فيديو يُزعم أنه يسجل احتجاجات في مدينة السمارة بالصحراء الغربية، وسط تصوير غير دقيق يربط ذلك بقرار مجلس الأمن الدولي الذي أيد مقترحاً مغربياً للحكم الذاتي. هذا الفيديو، الذي حصل على انتشار واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل إكس، رافقته توقيعات وصفية تزعم وقوع انتفاضة شعبية في المنطقة، مما أثار جدلاً حول الحقائق الميدانية في شمال غرب إفريقيا. السمارة، كعاصمة لإقليمها في الصحراء الغربية، غالباً ما تكون في قلب الصراعات السياسية، لكن التحقق من مصداقية هذا الفيديو كشف عن اختلافه التام عن السياق المدعى.

فيديو مضلل حول احتجاجات الصحراء الغربية

في الوقت الذي انتشر فيه الفيديو، كان يُرافق تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار أمريكي يدعم اقتراح المغرب لعام 2007، الذي ينص على منح الحكم الذاتي للصحراء الغربية مع الحفاظ على سيادتها المغربية. هذا القرار أثار موجة من التفاعلات الإعلامية، حيث استخدم البعض الفيديو كأداة لتعزيز روايات معينة. ومع ذلك، فإن التحقق من الفيديو أظهر أنه لا يمت بصلة إلى أي احتجاجات في السمارة، بل يعود إلى حدث مختلف تماماً في المغرب. يظهر الفيديو حريقاً اندلع في معرض سيدي رحال الشاطئ بالقرب من الدار البيضاء، حيث دُمرت خيام تجارية وتسبب في خسائر مادية كبيرة، وفقاً لتقارير إعلامية موثقة. هذا الحدث، الذي حدث في الخميس الماضي، كان نتيجة حريق طبيعي تم السيطرة عليه من قبل فرق الإغاثة، مع ارتفاع أعمدة الدخان وتدمير الأملاك.

رواية خاطئة للأحداث

رغم أن الفيديو حقق عشرات الآلاف من المشاهدات والتفاعلات، إلا أن الوصف المصحوب به كان مضللاً، حيث وصف بأنه “انتفاضة الشعب الصحراوي” في السمارة، مما أدى إلى نشر معلومات خاطئة قد تزيد من التوترات الإقليمية. هذه الرواية الخاطئة تأتي في سياق خلافات سياسية أوسع، حيث يرفض الجانب الجزائري وجبهة البوليساريو هذا القرار، مطالبين بإجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. هذا الرفض يعكس جذور الصراع التاريخية في المنطقة، التي تشمل مطالبات بالاستقلال ورفض الفيدرالية المقترحة. تتصاعد مثل هذه الروايات الخاطئة مع كل تطور دبلوماسي، مما يعرض الواقع على خطر التشويه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، يُظهر الفيديو فيه لحظات التهام النيران للخيام، مع ارتفاع الدخان الذي غطى السماء، لكن هذا لم يكن مرتبطاً بأي سياق سياسي في الصحراء الغربية. بدلاً من ذلك، كان مجرد حدث عادي في منطقة أخرى من المغرب.

في الختام، يبرز هذا الحادث كمثال واضح على كيفية انتشار المعلومات المضللة في عصر الرقمنة، حيث يمكن أن تؤثر الروايات الخاطئة على الرأي العام وتفاقم التوترات بين الأطراف المعنية. القضية تتجاوز مجرد فيديو واحد إلى التحديات الأكبر في التعامل مع الصراعات الإقليمية، مثل ضرورة الالتزام بالحقائق لتجنب الاستقطاب. في الوقت نفسه، يستمر الجدل حول مستقبل الصحراء الغربية، مع دعوات دولية للحوار السلمي لبناء حل عادل. هذه الأحداث تذكرنا بأهمية التحقق من المصادر قبل نشر أي محتوى، لضمان عدم تفاقم الخلافات غير الضرورية. بينما يواصل مجلس الأمن مراقبة الوضع، يظل من المهم أن يركز الجميع على الحلول السلمية التي تعزز الاستقرار في المنطقة، مع مراعاة مصالح جميع الأطراف المعنية.