صدفة غيرت التاريخ: قصة ميلاد المتحف المصري الكبير.. أعظم معلم ثقافي على وجه الأرض.. شاهد الفيديو!
صدفة غيرت مجرى التاريخ، حين أدت إلى ولادة المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أبرز معلم ثقافي على مستوى العالم. في أوائل التسعينات، كان الوزير الأسبق للثقافة فاروق حسني يجلس مع أصدقائه الأوروبيين خلال وجبة في باريس، حيث استفزته تعليقاتهم حول حالة المتحف المصري بالتحرير. كان المتحف مزدحماً بآلاف القطع الأثرية الثمينة، لكن مساحته المحدودة تجعله غير قادر على عرضها بشكل يليق. هذا التحدي دفعه للرد بالتزامن، مما فتح الباب لفكرة بناء متحف عملاق يحتضن تراث مصر القديمة بكل عظمته.
حكاية المتحف المصري الكبير
مع تلك الصدفة، انطلقت قصة بناء المتحف كأكبر معلم حضاري، حيث بدأت التحضيرات على مدار أربع سنوات لتحويل الرؤية إلى واقع. تم وضع حجر الأساس في عام 2002 على هضبة الأهرامات، على بعد نحو كيلومترين من أهرامات الجيزة، ليصبح هذا المتحف شاهدًا حيًا على تاريخ الحضارة المصرية القديمة. التصميم لم يكن مجرد هيكل معماري؛ بل كان تجسيدًا للروابط التاريخية، حيث شكل مخروطي يتواصل مع أشعة الشمس النازلة من قمم الأهرامات، مما يمنحه طابعًا سحريًا يجسد جمال التراث. يمتد المتحف على مساحة هائلة تبلغ 300 ألف متر مربع، مليئة بقاعات تعرض آلاف القطع الأثرية التي تروي قصة آلاف السنين من الحضارة.
المشروع لم يكن سهلاً، فقد مر بعدة مراحل دقيقة ليصل إلى هذا الشكل المبهر. في المرحلة الأولى، تم إنشاء مركز ترميم متطور على أعلى مستوى عالمي، مجهز بأحدث الأجهزة لاستقبال وترميم القطع الأثرية، وتم افتتاحه رسميًا في عام 2005. هذا المركز ضمن أن كل قطعة تُعرض داخل المتحف تكون في حالة مثالية، مما يحافظ على قيمتها التاريخية. أما المرحلة الثانية، فقد ركزت على تهيئة الأرض وفق التصميم المعماري، مع مناقشات مطولة حول التفاصيل حتى عام 2008. بعدها، تم تشكيل فريق متخصص في عام 2010، وفي نهاية عام 2011، تم تقديم المستندات للمقاولين، لتبدأ عمليات التنفيذ الفعلي في مارس 2012، بعد اختيار الشركة المنفذة.
أسرار المتحف المصري العظيم
يختبئ داخل المتحف المصري العظيم العديد من الأسرار التي تجعله أكثر من مجرد مبنى؛ إنه رحلة في الزمن. التصميم المخروطي ليس صدفة، بل يعكس اندماج الطبيعة مع التاريخ، حيث يتفاعل مع أشعة الشمس ليخلق إضاءة طبيعية تبرز جمال القطع المعروضة. هذا التصميم لم يأتِ عبثًا، بل تم اختياره ليتوافق مع موقع المتحف بجانب الأهرامات، مما يجعله جزءًا من النسيج التاريخي لمصر. من بين كنوزه، هناك آلاف القطع الأثرية التي تم ترميمها بعناية، مثل التماثيل والكنوز الفرعونية التي تقص قصص الملوك والحياة اليومية في عصر الفراعنة. هذا المتحف لم يقتصر على عرض التراث، بل أصبح مركزًا للبحث والتعليم، حيث يجذب العلماء والزوار من كل أنحاء العالم لاستكشاف أسرار الحضارة المصرية.
مع مرور السنين، تحول المتحف المصري العظيم إلى رمز للإصرار والابتكار، حيث جمع بين التقاليد القديمة والتكنولوجيا الحديثة ليقدم تجربة فريدة. الزوار يشعرون بالدهشة أمام القاعات الواسعة التي تعرض تاريخًا يمتد لآلاف السنين، معروضًا بطريقة تعليمية تجمع بين الروايات التاريخية والعروض المتعددة. هذا الإنجاز لم يكن مجرد إنجاز مصري، بل هو مساهمة عالمية في حفظ التراث الإنساني، مما يجعله وجهة أساسية لكل من يبحث عن فهم أعمق لتاريخ البشرية. بفضل هذا الجهد، يستمر المتحف في جذب الملايين، محافظًا على مكانته كأهم متحف على وجه الأرض.

تعليقات