حكومة حماد تحدد حدودًا صارمة لتحركات البعثة الأممية، مما يعكس توترًا دبلوماسيًا متزايد.
في الساحة السياسية الليبية المتوترة، أثار الوزير المكلف للمالية ورئيس الحكومة في الشرق، أسامة حماد، جدلاً واسعاً من خلال بيان قوي ينتقد فيه البعثة الأممية لمساعدة ليبيا. حماد وصف التصرفات الحالية للبعثة بأنها “أحادية الجانب”، مما يعني تجاهلها للتوازن المطلوب في التعامل مع الأزمة الوطنية. هذا الإدانة تأتي في سياق محاولات دولية لإعادة الاستقرار، حيث حذر حماد كل الجهات الرسمية من التواصل المباشر مع البعثة دون الرجوع إلى وزارة الخارجية في حكومته، محافظة على السيادة الوطنية.
البعثة الأممية وانتقادات أسامة حماد
في بيان حماد، تم التركيز على خارطة الطريق التي قدمتها البعثة الأممية إلى مجلس الأمن الدولي، والتي كانت تتكون من ثلاث مراحل رئيسية: أولاً، تنفيذ إطار انتخابي فني وموثوق؛ ثم توحيد المؤسسات من خلال تشكيل حكومة جديدة موحدة؛ وأخيراً، الحوار المهيكل. ومع ذلك، فإن حماد اتهم البعثة بتخطي المرحلتين الأولى والثانية مباشرة، متجهة إلى الثالثة دون توضيحات حول مصير الخطوات السابقة. هذا الإجراء، بحسب رأيه، أدى إلى فقدان التفاؤل بنجاح الخطة، وقد عطل عملية التقدم نحو الاستقرار في ليبيا، حيث أكد أن أي تفاعل مع الجهات الدولية يجب أن يمر عبر القنوات الرسمية لضمان الالتزام بالسياسات الوطنية.
التدخل الدولي كبديل للبعثة
بالإضافة إلى ذلك، شدد حماد على أن ولاية البعثة الأممية تقتصر على الدعم الفني والاستشاري فقط، داعياً إلى احترام السيادة الليبية وعدم التعدي عليها. هذا التحذير يأتي في وقت يشهد فيه الوضع السياسي الليبي حالة من الجمود، مع تباين المواقف بين الأطراف المحلية والدولية حول آليات تنفيذ خارطة الطريق. يرى حماد أن هذا النهج الاستفزازي من قبل البعثة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل تعميق الانقسامات داخل البلاد، ويشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية. في السياق نفسه، يُعتبر هذا التصعيد جزءاً من جهود أوسع لتعزيز دور الحكومة الشرقية في مواجهة التحديات، محاولة إعادة توجيه العملية السياسية نحو آليات أكثر عدلاً وشاملة.
وفي الختام، يبقى السؤال المحوري حول كيفية استمرار العملية الدولية في ليبيا دون إثارة المزيد من التوترات. حماد يؤكد ضرورة العودة إلى أسس التعاون المتبادل، حيث يجب على الجهات الدولية الالتزام بما هو محدد لها دون تجاوزات، لتجنب إجهاض الجهود الرامية إلى السلام والوحدة. هذا المنظور يعكس مخاوف واسعة داخل المجتمع الليبي تجاه أي تدخل يبدو غير متوازن، مما يدفع نحو حوار أكثر شمولاً يشمل جميع الأطراف. بذلك، يصبح من الضروري إعادة تقييم الخطط الدولية لضمان نجاحها في تحقيق الأهداف المشتركة، مع التركيز على بناء ثقة متينة بين ليبيا والمجتمع الدولي. هذه الدعوة للالتزام بالقواعد الدبلوماسية تخلق أملاً جديداً في إنقاذ العملية السياسية من الجمود الحالي، وتساهم في تعزيز استقرار المنطقة ككل.

تعليقات