يعيش العالم حالياً في مرحلة تحول سريعة، حيث يؤكد ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، على ضرورة تبني نماذج تعاونية جديدة تجمع بين الحكومات والقطاع الخاص لمواجهة التحديات العالمية. في ظل هذه المتغيرات، أصبح من المستحيل لأي طرف أن يحقق النجاح بمفرده، مما يدفع نحو استراتيجيات مشتركة تهدف إلى تعزيز الاستدامة والتنمية.
التحول الاقتصادي العالمي
في كلمته خلال مبادرة مستقبل الاستثمار، شدد الرميان على أن أكثر من 808 ملايين شخص حول العالم يعانون من الفقر المدقع، موضحاً أن التقنية وحدها غير كافية لمعالجة هذه المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، يبرز نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية بنسبة 24% خلال العام الماضي، كدليل على الثقة الدولية في الاقتصاد السعودي ورؤيته المستقبلية. هذا النمو يعكس كيف يمكن للاستثمارات أن تكون رافعة للتغيير، حيث يدعو الرميان إلى إعادة تأمل النماذج الاقتصادية والتنظيمية القديمة التي لم تعد تناسب الواقع المتطور بسرعة. من خلال تبني تنظيم ذكي يتجنب الإفراط، يمكن الحفاظ على أسواق مفتوحة وغير مقيدة، مما يعزز الابتكار ويفتح آفاقاً جديدة للشراكات العالمية. في هذا السياق، يلفت النظر إلى أن الثروة الحقيقية في السعودية تكمن في ازدهار الإنسان، لا في الأرقام والإحصاءات، محركاً فكرة أن التعاون بين الحكومات والمستثمرين هو الوسيلة الأساسية لتحقيق تقدم مشترك يخدم البشرية جمعاء.
التغيير نحو مستقبل أفضل
مع استمرار التطورات الاقتصادية، يبرز الرميان أهمية التركيز على المفاتيح الحقيقية للرخاء، حيث أكد في ختام كلمته أننا نمتلك الأدوات اللازمة لتغيير العالم نحو الأفضل. في سيناريو عالمي يشهد تغييرات جذرية، مثل انتشار التكنولوجيا وتحديات البيئة والاجتماعية، يجب أن يعمل الجميع على تعزيز الشراكات الاستراتيجية. على سبيل المثال، في السعودية، لم يقتصر التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية فحسب، بل امتد إلى بناء اقتصاد يعتمد على الابتكار والتنوع، مما يساهم في خفض معدلات الفقر وتعزيز الفرص الوظيفية. هذا النهج يعكس رؤية شاملة تربط بين الاستثمار والتنمية الاجتماعية، حيث يدعو إلى إنشاء سياسات تنظيمية مرنة تتوافق مع الواقع الدولي المتقلب. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الرميان على أن النجاح في هذه المرحلة يتطلب تفادي العوائق التقليدية، مثل القيود التنظيمية الصارمة، لصالح نماذج تشجع على الابتكار والاندماج الاقتصادي. في النهاية، يمكن القول إن هذا التغيير لن يتحقق إلا من خلال جهود مشتركة تعيد تعريف دور الحكومات والمستثمرين في بناء مجتمعات أكثر عدلاً واقتصاديات أكثر استدامة. هذه الرؤية تفتح الباب لمستقبل يعتمد على التعاون الدولي لمواجهة التحديات الكبرى، مثل تغير المناخ والتفاوت الاقتصادي، مع التركيز على تعزيز الفرص للأجيال القادمة. بالفعل، يمثل هذا النهج نقلة نوعية في كيفية إدارة الثروات والموارد، حيث يصبح الرخاء ليس هدفاً شخصياً أو وطنياً فحسب، بل مسؤولية عالمية.

تعليقات