في السياق الدولي المتغير، يواصل العالم دعم مساعي الاستقرار في ليبيا، حيث أعلن مجلس الأمن الدولي عن تجديد مهمة بعثة الأمم المتحدة هناك. هذا القرار يعكس التزامًا مستمرًا لتعزيز الجهود السياسية والأمنية في البلاد، مع التركيز على تحقيق تقدم ملموس نحو حلول دائمة.
تجديد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا
بالإجماع، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة عام إضافي، مما يمتد عملها حتى 31 أكتوبر 2026. هذا التمديد يأتي كخطوة استراتيجية لبناء على الجهود السابقة، حيث تم التأكيد على أن البعثة ستستمر كعنصر سياسي متكامل، وفقًا للإطار المحدد في القرارات الدولية السابقة. في السابق، كان آخر تجديد للبعثة قد جرى في أكتوبر 2024، وهو ما يشير إلى التزام مستمر من المجتمع الدولي لدعم التحول الديمقراطي في ليبيا رغم التحديات.
تتركز أعمال البعثة حاليًا على تنفيذ خريطة طريق شاملة، التي تتكون من ثلاثة ركائز رئيسية تهدف إلى استعادة الاستقرار. أولى هذه الركائز هي وضع إطار انتخابي فعال يتيح إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية عادلة، مما يمكن الأطراف الليبية من تحديد قياداتها بشكل ديمقراطي. الركيزة الثانية تركز على توحيد المؤسسات الحكومية تحت حكومة جديدة موحدة، لمواجهة التشرذم الذي أثر على البلاد لسنوات. أما الركيزة الثالثة، فهي إطلاق حوار منظم يغطي جوانب الحوكمة، الاقتصاد، الأمن، المصالحة الوطنية، وحقوق الإنسان، لضمان مشاركة واسعة من جميع الفئات الاجتماعية.
جهود التصالح في ليبيا
في هذا الإطار، أعلنت البعثة عن خطوات عملية لتعزيز الحوار الوطني، حيث دعيت أكثر من 120 شخصية ليبية للمشاركة في جلسات مهيكلة، مع تخصيص 35% من المقاعد للنساء لضمان تمثيل عادل. هذا الاقتراب يتيح أيضًا للجمهور الليبي العادي الإدلاء بآرائهم عبر منصات إلكترونية واستطلاعات رأي، مما يعزز من الشعور بالمشاركة الجماعية في عملية التصالح. خلال إحاطة أمام مجلس الأمن في أغسطس الماضي، شددت الممثلة الخاصة هانا تيتيه على أهمية هذا الحوار كأساس لإجراء انتخابات وطنية مستقبلية وإنشاء مؤسسات موحدة. وفقًا لها، يتطلب حل الصراعات الطويلة الأمد في ليبيا اتفاقيات سياسية شاملة تتضمن جميع الأطراف، بالإضافة إلى مشاركة اجتماعية واسعة لمعالجة الجذور الرئيسية للتوترات.
يشكل هذا التجديد دعمًا دوليًا متجددًا للمسار الأممي، خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية المتزايدة التي تواجه البلاد. من خلال تركيزها على هذه الركائز، تسعى البعثة إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي، حيث يعاني الليبيون من تبعات الصراعات السابقة على موارد البلاد مثل النفط والغاز، مما أدى إلى تفاقم البطالة والفقر. بالإضافة إلى ذلك، يبرز دور البعثة في دعم حقوق الإنسان، حيث تعمل على مكافحة الانتهاكات وتعزيز القوانين الدولية لضمان حماية المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، في مناطق النزاع.
في الختام، يمثل تمديد بعثة الأمم المتحدة خطوة حاسمة نحو استعادة السلام في ليبيا، مع التركيز على بناء دولة قوية تعتمد على الحكم الرشيد والمشاركة الشعبية. هذه الجهود لن تكون سهلة، إذ تواجه تحديات مثل الصراعات الإقليمية والتدخلات الخارجية، لكنها توفر أساسًا لمستقبل أفضل. من خلال الاستمرار في هذه المسيرة، يمكن لليبيا أن تتجاوز ماضيها المضطرب وتنهض كدولة موحدة ومزدهرة، مع التعامل مع قضايا مثل الإصلاح الاقتصادي والأمن الداخلي بطريقة مستدامة. هذا النهج الشمولي يعكس أهمية التعاون الدولي في حل النزاعات، مما يفتح الباب لفرص جديدة للشعب الليبي في بناء مستقبلهم.

تعليقات