حمدي قنديل: الرجل الذي يُلقب بـ”جوجل العرب” في عالم الإعلام والابتكار!

تحل اليوم الذكرى السابعة لرحيل الكاتب الصحفي الكبير حمدي قنديل، الذي كان يُعرف بـ”جوجل العرب” لتميزه في تقديم معلومات وتحليلات سياسية فريدة، جعلته يحظى بمكانة لا يشاركه فيها أحد. كان رجلاً وطنياً يجمع بين الاحترافية والموضوعية، مما ساهم في بناء جسر من الثقة مع الجمهور العربي، وأدى إلى تفوقه في البرامج الإعلامية مثل “رئيس التحرير” على التلفزيون المصري و”قلم رصاص” على تلفزيون دبي.

ذكرى حمدي قنديل: الإرث الإعلامي العربي

في هذا السياق، يبقى حمدي قنديل رمزاً للصحافة الرصينة، حيث لم يكن مجرد مقدم برامج بل مدرسة كاملة تجمع بين النقد الوطني والاحترام للحقيقة. كان يتميز بقدرته على جذب الجماهير من خلال تحليله الدقيق للأحداث، مما جعله يتربع على قمة الإعلام العربي لسنوات طويلة.

الصحفي العظيم في ذاكرة المهنة

من خلال تجربة شخصية، أتذكر كيف جمعني القدر مع حمدي قنديل في عام 1999، عندما نشرت تقريراً موسعاً عن حادث تحطم طائرة مصر للطيران بالقرب من المحيط الأطلسي، الذي أودى بحياة 217 راكباً بينهم الطيار جميل البطوطي. كان التقرير يشمل تفاصيل التحقيقات الأمريكية مع طاقم الطائرة، وخاصة رئيس طاقم الضيافة محسن الصاوي، الذي عبر عن استيائه من محاولة إلصاق التهمة بالإسلاميين بناءً على تسجيلات قال فيها القائد “بسم الله توكلنا على الله”. طلب الصاوي مني ترتيب مقابلة مع قنديل عبر برنامجه “رئيس التحرير” لكشف الحقيقة.

أصررت على نشر التقرير أولاً لضمان السبق الصحفي، وسرعان ما تفاعل حمدي قنديل معه مباشرة. في صباح نشر المقال، دعاني رئيس التحرير مصطفى بكري للاتصال بقنديل، الذي أشاد بي قائلاً “أهلاً بالصحفي الهمام”، مما رفع من معنوياتي وشجعني على الاستمرار. ثم طلب مني ترتيب اللقاء مع الصاوي، وفي اليوم التالي، توجهنا إلى موقع تسجيل البرنامج في مصر الجديدة، حيث التقينا به شخصياً. كان قنديل متواضعاً وقوياً في آن واحد، مما أسس لصداقة دائمة بيننا، تعددت فيها اللقاءات بين القاهرة ودولة الإمارات. رحمه الله، فهو ترك إرثاً يلهم الأجيال.

هذا اللقاء مع قنديل لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان درساً في الإعلام المسؤول. فقد أظهر كيف يمكن للصحفي أن يتحدى الروايات المفبركة ويؤثر في الرأي العام. على سبيل المثال، في قضية الطائرة، ساهم قنديل في توضيح الحقائق ودحض الاتهامات غير المبررة، مما عزز من دور الإعلام في حماية السمعة. ومن خلال برامجه، استمر في تعزيز القيم الوطنية، حيث كان ينتقد بموضوعية دون إهانة، مما جعله يحقق أعلى نسب المشاهدة في العالم العربي. اليوم، بعد سبع سنوات من رحيله، يظل قنديل مصدر إلهام للصحفيين الشباب، الذين يسعون للتوفيق بين الاحتراف والالتزام الأخلاقي.

في الختام، يذكرنا رحيل حمدي قنديل بأهمية الصحافة في تشكيل المجتمع، وكيف أن الالتزام بالحقيقة يمكن أن يبني جسوراً بين الناس. من خلال تجارب مثل هذه، نتعلم أن الإعلام ليس مجرد نقل أخبار، بل هو أداة للعدالة والتغيير. رحم الله هذا الرجل النبيل، الذي سيظل حياً في قلوبنا كرمز للصحافة العربية.