نزوح جماعي واسع من مدينة الأبيض يلي سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، مع أسرار الصورة المنتشرة تكشف تفاصيل جديدة حول الأحداث.
في الآونة الأخيرة، انتشرت صورة على منصات التواصل الاجتماعي تثير مخاوف بشأن نزوح جماعي في السودان، حيث ادعت الحسابات المروجة لها أن الجيش السوداني يمنع المواطنين من الخروج من مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان. هذه الرواية صاحبت الصورة بتعليقات تحمل سياقًا دراميًا، مثل “سيناريو الفاشر في الأبيض حيث تمنع الشرطة العسكرية الناس وتحتجزهم عند المخارج”، مما أدى إلى انتشار واسع وحصد آلاف التفاعلات. ومع ذلك، يثير هذا الانتشار أسئلة حول دقة المعلومات، خاصة في ظل التوترات الجارية في المنطقة.
الصورة المضللة في وسائل التواصل
هذه الصورة لم تكن سوى جزء من فيديو قديم يعود تاريخه إلى عام 2020، قبل اندلاع الحرب الدائرة حاليًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. عند التحقق، ظهر أن الفيديو الأصلي نشر لأول مرة في 4 مايو 2020، وكان يتعلق بحادثة عادية تمامًا، حيث نشبت اشتباكات بسيطة بين الشرطة العسكرية ومواطن في ولاية النيل الأبيض. السبب الرئيسي لتلك الاشتباكات كان خلافًا على أولوية الحصول على الوقود في محطة بمحلية الجبلين، التابعة لوحدة كنانة الإدارية. وهكذا، فإن المحتوى الحقيقي للفيديو يفصل تمامًا عن السياق الذي روج له مؤخرًا، حيث كانت التعليقات الأولية تتحدث عن “ضرب مواطن بصورة وحشية” في سياق مشكلة يومية، لا علاقة لها بنزوح واسع أو أحداث عسكرية.
كشف الادعاءات الزائفة
من المهم الإشارة إلى أن موقع الأحداث في الفيديو كان في أقصى جنوب شرق السودان، ضمن ولاية النيل الأبيض، وليس في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان كما زعم المروجون. هذا الخلط الجغرافي يعزز من التناقض في الرواية، خاصة أن مدينة الأبيض تقع شرق ولاية شمال دارفور، التي شهدت حديثًا سيطرة قوات الدعم السريع على عاصمتها الفاشر. يعتمد هذا الادعاء المضلل على استغلال الوضع الراهن لإثارة الرعب، حيث يستخدم السياق السياسي والعسكري الحالي لتعزيز انتشار المعلومات الخاطئة. في الواقع، يمكن أن يؤدي مثل هذا الانتشار إلى زيادة التوترات بين المجتمعات، ويثير مخاوف أكبر في منطقة تعاني بالفعل من الصراعات.
بالعودة إلى تفاصيل الفيديو، فإن الصورة المستخدمة تم اقتطاعها من تسجيل كامل يظهر مشهدًا عابرًا، لكنه تم تسييسه بطريقة تخدم أجندة معينة. هذا النوع من الانتشار يعكس كيف يمكن لوسائل التواصل أن تكون أداة للتشويه، حيث تجمع بين الصورة والنص لتشكيل سرد كاذب. على سبيل المثال، المنشورات التي رافقت الصورة كانت تشمل كلمات مثل “الشرطة العسكرية تمنع الخروج”، مما يوحي بكارثة وشيكة، بينما الحقيقة هي أن الحدث الأصلي كان مجرد خلاف محلي غير مرتبط بالأحداث الجارية. وفي خضم الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، أصبح من السهل استغلال مثل هذه الصور لتعزيز الروايات المتطرفة، مما يؤثر على سلامة التغطية الإعلامية.
في الختام، يبرز هذا الحادث أهمية التحقق من المصادر قبل نشر أي معلومة، خاصة في مناطق مثل السودان حيث يتداخل الواقع مع الدعاية. يمكن أن يؤدي الانتشار السريع للصور المضللة إلى تفاقم الصراعات وإثارة الشكوك، مما يجعل من الضروري تعزيز الوعي بين مستخدمي التواصل الاجتماعي. بالنظر إلى السياق الإقليمي، حيث تشهد المناطق المجاورة مثل دارفور تطورات خطيرة، يجب أن يركز الجميع على الحقائق لتجنب نشر الرعب غير المبرر. هذه الحالات تذكرنا بأن الحقيقة هي أفضل دفاع ضد الشائعات، وأن فحص السياق الزمني والمكاني لأي محتوى يمكن أن يكشف الحقيقة الكامنة خلف الادعاءات. بالتالي، يظل التركيز على الدقة الإعلامية حاسمًا لصون السلامة في المجتمعات المتضررة.

تعليقات