كشف محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميان، عن تفاصيل مثيرة تتعلق بثقافة العمل السعودية، مستندًا إلى تجربته الشخصية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. في إشارة إلى الالتزام الشديد الذي يسود في البيئة الاستثمارية، روى الرميان كيف أصبحت أسئلة الإجازة رمزًا للتركيز على الإنجازات. هذا الكشف جاء أثناء مشاركته في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، حيث لم يتردد في الإشارة إلى كيف أصبحت هذه الثقافة جزءًا أساسيًا من النسيج الإداري في المملكة.
ثقافة العمل في صندوق الاستثمارات العامة
في تفاصيل أكثر دقة، تحدث ياسر الرميان عن لحظة حاسمة عندما سأل ولي العهد عن إمكانية الحصول على إجازة نهاية أسبوع بعد عام أو عامين من البدء في العمل. كان رد ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، مباشرًا وقاطعًا، حيث قال: “لا تقلق، ربما خلال عام أو اثنين”. ومع ذلك، أكد الرميان أنه ما زال يتكرر في طرح نفس السؤال حتى الآن، مما يعكس مدى الالتزام والإصرار على تحقيق الأهداف دون تأجيل. هذه الحادثة، وفقًا للرميان، ليست مجرد قصة عابرة، بل تمثل الجوهر الذي غرس في ثقافة العمل السعودية الحديثة.
يؤكد الرميان أن هذه الثقافة لم تقتصر على مستوى القيادة، بل انتقلت بشكل فعال إلى الوزراء والتنفيذيين في صندوق الاستثمارات العامة. من خلال هذه النهج، أصبح التركيز الرئيسي على تنفيذ المشاريع بسرعة وكفاءة، مع الحرص على تحقيق أثر إيجابي يتوافق مع أهداف التنمية الاقتصادية للمملكة. هذا النهج يعزز من روح الفريق، حيث يشجع الجميع على تجاوز التحديات والبقاء ملتزمين بالأهداف الاستراتيجية، مما يساهم في تعزيز مكانة السعودية كمركز استثماري عالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الرميان أن هذه الثقافة تتجاوز مجرد العمل اليومي، فهي ترسخ قيم مثل الإصرار والابتكار، التي أصبحت سمة مميزة للصندوق. على سبيل المثال، في ظل البرامج الكبيرة مثل مبادرات الرؤية 2030، يتم تطبيق هذه القيم في مشاريع الاستثمار، سواء في قطاع الطاقة المتجددة أو التقنية، لضمان تحقيق نتائج ملموسة في وقت قياسي. هذا الالتزام يعزز من الثقة الدولية في الاقتصاد السعودي، حيث يظهر أن البلاد قادرة على التنفيذ السريع والفعال رغم التحديات.
النهج الاستراتيجي في الاستثمار السيادي
من الواضح أن النهج الاستراتيجي في الاستثمار السيادي يعتمد على بناء ثقافة عمل متينة، كما وصفها ياسر الرميان. هذا النهج ليس محصورًا في صندوق الاستثمارات العامة، بل يمتد ليشمل العديد من الجهات الحكومية الأخرى، مما يعزز من التنسيق بين القطاعات. على سبيل المثال، يساعد هذا التركيز على السرعة في تحقيق مشاريع كبيرة مثل تطوير المدن الذكية أو دعم الشركات الناشئة، حيث يتم ضمان أن كل خطوة تؤدي إلى نتائج فورية.
وفي سياق أوسع، يؤثر هذا النهج على الاقتصاد العالمي، حيث يجعل السعودية وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن كفاءة واستقرار. ياسر الرميان يؤكد أن الهدف الرئيسي هو تحقيق أثر مستدام، سواء من خلال زيادة فرص العمل أو دعم الابتكار التكنولوجي. هذا يتطلب من الجميع، من القيادة إلى الموظفين، الالتزام بالقيم ذاتها، مما يجعل من صندوق الاستثمارات العامة نموذجًا للنجاح في المنطقة.
بالنظر إلى المستقبل، يتوقع الرميان أن تستمر هذه الثقافة في التطور، مع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتحسين العمليات الاستثمارية. على سبيل المثال، استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل السوق يمكن أن يسرع من عمليات اتخاذ القرار، مما يعزز من الكفاءة العامة. في النهاية، يظل التركيز على الإنجازات الملموسة هو المفتاح لتحقيق رؤية مستقبلية مشرقة، حيث يستمر صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق أهدافه بفاعلية. هذا النهج ليس فقط يعكس التزام السعودية بالتطوير، بل يرسم طريقًا للأجيال القادمة.

تعليقات