أعلنت المحكمة التجارية في الدمام إنهاء إجراءات التسوية الوقائية لشركة مستشفى سعد التخصصي، مسقطًا رجل الأعمال السعودي معن بن عبد الواحد الصانع، بعد جهود مضنية لإنقاذ هذا الصرح الطبي الذي كان يُعتبر من أبرز المؤسسات الطبية في المنطقة الشرقية. هذا القرار يأتي بعد سنوات من التحديات المالية التي أدت إلى تراكم الديون، مما يفتح الباب أمام عملية تصفية شاملة قد تؤثر على العديد من الدائنين والمستثمرين.
تصفية شركة مستشفى سعد
أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة التجارية في الدمام حكمها بإنهاء التسوية الوقائية للشركة، وفقًا لما أعلنه أمين الإفلاس عبدالله بن تركي الحمودي. يتعلق الحكم بدعوى رقم (474002008) لعام 1447هـ، وتاريخه 17 ربيع الآخر 1447هـ، حيث يبدأ الآن إجراء التصفية الرسمي. في هذا السياق، دعا أمين الإفلاس جميع الدائنين إلى تقديم مطالباتهم خلال فترة تستمر 90 يومًا من تاريخ الإعلان، وذلك عبر نموذج مخصص يُعرف بـ”مطالبة الدائن للمدين”. تشير التقارير إلى أن الديون الإجمالية للمستشفى تتجاوز 681 مليون ريال سعودي، تشمل 516.7 مليون ريال في قائمة المطالبات الرسمية، بالإضافة إلى 104.4 مليون ريال من الديون الأخرى، و59.8 مليون ريال من الديون المتأخرة التي لم تُقدم بعد. هذه الأرقام تعكس الضغط المالي الهائل الذي واجهته الشركة، والذي يعود جزئيًا إلى الأزمة المالية العالمية عام 2009، التي أثرت على مجموعة سعد القابضة بأكملها.
كان مستشفى سعد التخصصي رمزًا للتقدم الطبي في المملكة العربية السعودية، حيث شكل جزءًا من إمبراطورية تجارية واسعة أسسها معن الصانع في مجالات التمويل والمقاولات والرعاية الصحية والعقارات. لكن الانهيار التدريجي للمجموعة بدأ مع الأزمة الاقتصادية، مما أدى إلى تعثر مالي كبير.
انهيار الإمبراطورية
يعود تاريخ معن بن عبد الواحد الصانع إلى مدينة الأحساء، حيث بنى إمبراطورية تجارية كانت في أوجها في أوائل الألفية الثالثة. احتل الصانع مكانة بارزة في قائمة “فوربس” لأغنى رجال العالم عام 2007، مما يعكس النجاح الهائل الذي حققته مجموعته. ومع ذلك، انهارت هذه الإمبراطورية بسبب مشكلات مالية متراكمة، مما أدى إلى اعتقاله عام 2017 بسبب نزاعات مع بنوك ومؤسسات خليجية ودولية. قضى عدة سنوات في السجن، وخضعت أصوله لعمليات تصفية واسعة، بما في ذلك شركاته الرئيسية مثل مستشفى سعد التخصصي، الذي كان يمثل جوهر أعماله في القطاع الصحي.
هذا الحكم يمثل نهاية عصر لمجموعة سعد، التي كانت واحدة من أكبر الشركات الاستثمارية في الخليج. مع بدء التصفية، يترقب الجميع النتائج، خاصة الدائنين الذين يأملون في استرداد جزء من استثماراتهم. الآن، يتجه المستشفى نحو وضع جديد، حيث قد يؤدي هذا الإجراء إلى إعادة تشكيل القطاع الصحي في المنطقة، مع دروس مستفادة من هذا الانهيار الاقتصادي الكبير. في السنوات القادمة، من المتوقع أن تشهد هذه العملية توزيع أصول المؤسسة وتسوية الديون، مما يغلق صفحة من تاريخ الاقتصاد السعودي ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في الرعاية الصحية.

تعليقات