صور نادرة تكشف الجانب اليومي الخاص لحياة نجيب محفوظ: من شراء الجريدة إلى ركوب التاكسي!

لا شك في أن نجيب محفوظ، الأديب المصري العظيم، يمثل رمزًا من رموز الهوية الثقافية المصرية، حيث تدور معظم أعماله الروائية حول حياة المصريين اليومية وتفاصيلها الاجتماعية. هذا الأديب، الذي أثرى الأدب العربي بأسلوبه الفريد وإنتاجه الغني، نال جائزة نوبل للآداب في عام 1988، كأول كاتب عربي يحصل عليها، مما جعله من أبرز الشخصيات العربية في تاريخ الأدب العالمي. لم تقتصر شهرته على الكتابة، بل امتد تأثيره إلى العالم السينمائي والتلفزيوني، حيث تحولت رواياته إلى أعمال فنية شهيرة. تكشف سلسلة من الصور، التقطها المصور الصحفي المصري الراحل محمد حجازي، عن جوانب مختلفة من حياة محفوظ اليومية، من خلال مشاهد عادية في مراحل عمرية متنوعة بين عامي 1992 و2005، قبل وفاته في 30 أغسطس 2006.

نجيب محفوظ: صور من حياة الأديب الكبير

بدأت قصة هذه الصور مع لقاء أول بين محمد حجازي ونجيب محفوظ في نوفمبر 1992، أثناء حوار صحفي. وفقًا لرواية ابن حجازي، علي، الذي يعمل في مجال إنتاج المحتوى، كان والده قد طلب من محفوظ جلسة تصوير، لكن الأخير رفض بسبب عدم تفضيله للصور المعدة مسبقًا. هذا الرفض دفع حجازي إلى فكرة تصوير محفوظ في حياته الطبيعية، مما أدى إلى سلسلة تصويرية تعكس روتينه اليومي. كان محفوظ يتبع جدولًا منتظمًا، لذا قرر حجازي التقاط صور سرية له في يوم عادي من عام 1992. بعد ذلك، عرض حجازي الصور على محفوظ، الذي أعجب بها وأشاد بالحماس الذي يمتلكه المصور، معتبرًا أنها تعبر عنه بصدق. من هنا، تحول حجازي إلى شخص مقرب من محفوظ، مما سمح بتوثيق لحظات شخصية مثل زياراته للمقاهي، جلوسه مع أصدقائه، وحتى إدخاله للعناية المركزة في عام 1994.

الكاتب المصري العظيم في ضوء الكاميرا

تميزت هذه الصور بطابعها الشخصي الفريد، كما يؤكد علي، الذي عرضها لأول مرة في عام 2021. هي ليست مجرد لحظات مصورة، بل قصص حية تعكس تفاصيل حياة محفوظ، سواء في منزله مع عائلته أو خلال لقاءاته الاجتماعية. على سبيل المثال، تظهر صورة من ديسمبر 2001 زوجة محفوظ، عطية الله إبراهيم، وهي تهديه وردة بمناسبة عيد ميلاده، وهي الصورة المفضلة لدى حجازي لأنها تلتقط تعبير المفاجأة على وجهه. كما تتضمن الصور لقاءاته مع أصدقائه، مثل الفنان نور الشريف، ومشاهد يومية مثل استقلاله سيارة الأجرة إلى مقهى “علي بابا” في ميدان التحرير. يروي علي أن والده كان يرى في هذه الصور أكثر من مجرد توثيق، بل قصص تعبر عن تواضع محفوظ وحكمته، رغم الضوضاء المحيطة به. بعد وفاة حجازي في عام 2020، قرر علي تكريم إرثه من خلال عرض هذه المجموعة في معرض خاص في مصر عام 2021، الذي تزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لوفاة محفوظ وذكرى ميلاد والده. كان ردود الفعل إيجابية جدًا، حيث تعرف الزوار على الحكايات خلف الصور، مما أضاف عمقًا لها. حتى مقابلة علي مع هدى، ابنة محفوظ، أكدت قيمة هذه الصور النادرة، إذ أضافت تفسيرات جديدة تجعلها أكثر إلهامًا ومعنى. بهذه الطريقة، تظل صور حجازي شهادة حية على عظمة محفوظ كشخصية ثقافية وأدبية.