أثار الملحن محمد يحيى موجة من الجدل والمناقشات على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن عبر عن غضبه الشديد من إهمال برنامج “الحكاية” الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب لمساهمته في أغنية “هات إيديك يا ولا وتعالى نجري”. هذه الأغنية، التي غنتها المطربة الشعبية الحاجة نبيلة “بلبل الشرقية”، أصبحت رمزاً للتراث الشعبي المصري، لكن يحيى شعر أن جهوده تم تجاهلها بشكل كامل. يعود ذلك إلى أن البرنامج ركز على الحاجة نبيلة دون الإشارة إلى الملحن كصانع الفكرة الأساسية والمؤلف الموسيقي، مما أثار تساؤلات حول قيمة الاعتراف بالعمال الخفيين في عالم الفن.
جدل محمد يحيى في عالم الفن الشعبي
في هذا السياق، يرى محمد يحيى، الذي يمتلك خبرة تزيد عن 25 عاماً في مجال التلحين والإبداع الموسيقي، أن هذا الإهمال ليس مجرد خطأ عرضي، بل يمثل مشكلة أكبر تتعلق بثقافة الإعلام والفن. يؤكد يحيى أن الاعتراف بالجهود الخلفية أمر أساسي للحفاظ على احترام المهنة الفنية، حيث يعمل العديد من الملحنين والمبدعين في الظل لإنتاج أعمال تلهم الجمهور. على سبيل المثال، في حالة الأغنية المذكورة، كان يحيى المسؤول عن صياغة النغمات والألحان التي أعطتها طابعها الفريد، مما يجعل تجاهله بمثابة إجحاف بحق إرثه الفني. ومن المؤسف أن مثل هذه الحالات تنبعث مرات عديدة في وسائط الإعلام، حيث يركز الاهتمام على الوجوه الأمامية مثل المطربين، دون تقدير الدعم الإبداعي الذي يقدمه الملحنون. هذا الجدل لفت الأنظار إلى ضرورة تطوير آليات أفضل في البرامج التلفزيونية للتحقق من المعلومات وإعطاء الجميع حقهم، مما يعزز من جودة الإنتاج الإعلامي بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، يشير يحيى إلى أن تجاهل دور الملحنين يمكن أن يؤثر سلباً على المشهد الفني ككل، حيث قد يثني بعض المبدعين عن المشاركة في مشاريع مستقبلية. في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة الموسيقى الشعبية تطوراً كبيراً، مع ظهور أعمال تجمع بين التراث التقليدي واللمسات الحديثة، لكن بدون التعرف على الجهود الفردية، قد يفقد القطاع دافعيته. على سبيل المثال، الأغنية التي أصبحت محور الجدل لاقت انتشاراً واسعاً بفضل تلحين يحيى، الذي دمج فيها عناصر من التراث الشرقي مع إيقاعات معاصرة، مما جعلها تجاوز الحدود المحلية. هذا النوع من الإبداع يستحق الإشادة، ويجب أن يشكل جزءاً من أي نقاش حول الفن الشعبي.
الجدل حول الإهمال في الفنون
الجدل المحيط بيحيى يعكس قضية أوسع تتعلق بالإهمال المنتشر في مجال الفنون، حيث يشعر العديد من المنتجين والملحنين بالتهميش رغم أهميتهم. في حلقة “الحكاية” التي استضافت الحاجة نبيلة، كان التركيز الأساسي على قصتها الشخصية ووعد أديب بمساعدتها في أداء فريضة الحج، مما أثار إعجاب الجمهور وجعل الحلقة حدثاً بارزاً. ومع ذلك، فإن غياب الإشارة إلى يحيى يبرز نقصاً في التوازن، حيث ينبغي أن يتسع البرنامج للاحتفاء بجميع مكونات الأعمال الفنية. هذا الإهمال ليس مقتصراً على هذه الحلقة وحدها، بل يمثل ظاهرة في العديد من البرامج الإعلامية، حيث يتم تجاهل الكواليس لصالح السطحيات. يدعو يحيى إلى تبني سياسات أكثر عدلاً، مثل إجراء مقابلات مع الفريق الكامل أو الإشارة إلى المساهمين في مقدمة البرامج، لضمان أن يكون الإعلام عادلاً وشاملاً.
في النهاية، يمكن القول إن الجدل الذي أثارته يحيى لم يكن مجرد شكوى شخصية، بل دعوة لإعادة النظر في كيفية تقديم الفن في وسائل الإعلام. من خلال الاعتراف بالجهود الخلفية، يمكن بناء مجتمع فني أكثر إحتراماً وإبداعاً، حيث يتاح لكل مبدع الفرصة للحصول على التقدير الذي يستحقه. هذا النهج لن يعزز فقط من قيمة الأعمال الفنية، بل سيشجع على إنتاج المزيد من الإبداعات التي تعكس ثراء التراث الثقافي.

تعليقات