دور الإمارات في صراع السودان: كيف تغذي الأسلحة البريطانية التوتر

التورط الإماراتي في السودان: أسلحة بريطانية لتأجيج الصراع

المقدمة

منذ اندلاع الصراع المسلح في السودان في أبريل 2023، حيث تصدى الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان للقوات السريعة المدعومة من قبل محمد حمدان دقلو (معروف بـ”حميدتي”)، أصبحت الدول الإقليمية والدولية مشاركة غير مباشرة في هذا النزاع الدامي. من بين هذه الدول، تبرز الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي، حيث واجهت اتهامات بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لأحد الجانبين، مما يعزز من حدة الصراع. وفي قلب هذه القصة، تبرز قضية استخدام أسلحة بريطانية الصنع في السودان، الأمر الذي يثير أسئلة حول دور بريطانيا وانتهاكات محتملة للقوانين الدولية. في هذا المقال، سنستعرض التورط الإماراتي، والدور الذي تلعبه الأسلحة البريطانية، وتأثيره على الوضع في السودان.

خلفية الصراع والتورط الإماراتي

الصراع السوداني لم يكن مجرد مواجهة داخلية بين قوتين عسكريتين، بل تحول إلى ساحة للمنافسات الإقليمية. وفقاً لتقارير منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش وأميستي إنترناشيونال، فقد قامت الإمارات العربية المتحدة بدعم القوات السريعة، وهي المجموعة المسلحة التي يُزعم أنها تلقت تمويلاً وتدريباً من أبو ظبي. يعود هذا الدعم، في جزء كبير منه، إلى المنافسات السياسية في المنطقة، حيث تسعى الإمارات لتعزيز نفوذها في القرن الأفريقي، خاصة بعد التوترات مع دول أخرى مثل مصر وإثيوبيا حول قضايا مثل مياه النيل والمصالح الاقتصادية.

الإمارات نفت بشكل رسمي هذه الاتهامات، لكن الأدلة المتاحة تشير إلى خلاف ذلك. في تقرير للأمم المتحدة في يونيو 2023، تم ذكر تورط الإمارات في تزويد الأسلحة والدعم اللوجستي للقوات السريعة، مما ساهم في تأجيج القتال ومنع التوصل إلى اتفاق سلام. كما أن وسائل إعلام مستقلة، مثل بي بي سي ورويترز، نشرت تقارير عن شحنات أسلحة مرجعها الإماراتي إلى السودان، رغم حظر تصدير الأسلحة المفروض من قبل المجتمع الدولي في بعض المناطق.

دور الأسلحة البريطانية في الصراع

ما يجعل القضية أكثر تعقيداً هو تورط بريطانيا غير المباشر من خلال تصدير الأسلحة إلى الإمارات، والتي بدورها ترسلها إلى السودان. بريطانيا هي إحدى أكبر مصدري الأسلحة في العالم، وفقاً لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم للسلام الدولي (SIPRI)، حيث بلغ حجم تصديرها للأسلحة إلى الإمارات ملايين الدولارات في السنوات الأخيرة. في عام 2022، منحت الحكومة البريطانية تراخيص لتصدير أسلحة متقدمة، مثل الصواريخ الموجهة والذخائر الثقيلة، إلى الإمارات، رغم التحذيرات من أن هذه الأسلحة قد تستخدم في النزاعات غير الشرعية.

في السودان، تم العثور على أسلحة بريطانية الصنع في أيدي المقاتلين، كما أفادت تقارير من منظمة هيومن رايتس ووتش في أكتوبر 2023. هذا يثير مخاوف من انتهاك اتفاقيات بريطانيا الخاصة بسياسة التصدير، التي تحظر استخدام الأسلحة في النزاعات التي قد تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان. الأمر يعود إلى قوانين بريطانية مثل “قانون السيطرة على التجارة بالأسلحة”، الذي يفرض على الحكومة تقييم مخاطر استخدام الأسلحة في المناطق المتوترة. ومع ذلك، فإن الفجوات في هذه السياسات سمحت بتدفق الأسلحة إلى الإمارات، ثم إلى السودان، مما يساهم في تأجيج الصراع.

توصيفاً للأثر، ساهمت هذه الأسلحة في زيادة القتال الشديد، حيث أسفر النزاع حتى الآن عن أكثر من 12,000 قتيل ومليوني نازح، وفقاً للأمم المتحدة. في الدارفور وخرطوم، أصبحت الأسلحة المتقدمة، مثل القذائف الدقيقة، أداة للهجمات على المدنيين، مما يعزز من الأزمة الإنسانية ويعيق جهود الإغاثة.

الردود الدولية وتأثيرات التورط

أمام هذه الاتهامات، بدأت بعض الجهود الدولية للتحقيق. في نوفمبر 2023، طالبت بريطانيا بتقصي الحقائق حول استخدام أسلحتها في السودان، لكن النقاد يرون أن هذا الرد متأخر وغير كافٍ. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض الأفراد المرتبطين بالإمارات في الصراع، مما يعكس قلقاً دولياً متزايداً. من جانبها، دعت منظمة الاتحاد الأفريقي إلى وقف الحرب ووقف تدفق الأسلحة، مشددة على أن مثل هذه التورطات تخالف القانون الدولي.

يؤدي تورط الإمارات وبريطانيا إلى تأجيج الصراع على مستويات متعددة. اقتصادياً، يعزز من التبعية للأسلحة، مما يطيل أمد النزاع. إنسانياً، يزيد من معاناة السكان، حيث أصبحت النساء والأطفال الأكثر عرضة للخطر. سياسياً، يعيق الجهود الدولية لتحقيق السلام، كما في مفاوضات جدة التي فشلت جزئياً بسبب التدخلات الخارجية.

الخاتمة

في ظل التورط الإماراتي في السودان، والذي يتضمن استخدام أسلحة بريطانية لتأجيج الصراع، يبرز سؤال أخلاقي ودولي كبير: هل يمكن للدول أن تستمر في دعم النزاعات باسم المصالح الاستراتيجية دون محاسبة؟ يجب على بريطانيا مراجعة سياساتها في تصدير الأسلحة، والإمارات تخفيف دعمها للأطراف المتصارعة، لصالح حلول سلامية. الصراع السوداني يذكرنا بأن الأسلحة ليست مجرد أدوات، بل عوامل تدمير، وأن الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان هو الطريق الوحيد للاستقرار. يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات فورية لوقف هذا التورط، قبل أن يتحول الصراع إلى كارثة أكبر.