دراسة جديدة: 7 من كل 10 في الإمارات يطالبون بالوعي الأخلاقي عند استخدام الذكاء الاصطناعي
في عصر الثورة الرقمية، يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) أداة أساسية تشكل حياتنا اليومية، من التطبيقات الذكية إلى الخدمات الصحية والاقتصاد. ومع ذلك، يبرز سؤال حول الجوانب الأخلاقية لاستخدامه، خاصة في دولة مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تتسارع نحو التحول الرقمي بسرعة فائقة. دراسة جديدة، أجرتها مؤسسة بحثية مستقلة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد في الإمارات، كشفت عن أن 70% من سكان الإمارات يطالبون بتعزيز الوعي الأخلاقي عند استخدام الذكاء الاصطناعي، مما يسلط الضوء على مخاوف متزايدة حول الآثار الاجتماعية والأخلاقية لهذه التكنولوجيا.
خلفية الدراسة ومنهجيتها
دُشنت هذه الدراسة، التي حملت عنوان “الذكاء الاصطناعي والقيم الأخلاقية في المجتمع الإماراتي”، في أوائل عام 2023، وشملت استطلاعاً لآراء أكثر من 2000 مشارك من مختلف الفئات العمرية والمهنية في الإمارات. تم تصميم الدراسة لقياس مستوى الوعي بالذكاء الاصطناعي، والمخاطر المحتملة المرتبطة به، مثل الخصوصية، التمييز الآلي، وفقدان الوظائف. النتائج أظهرت أن 7 من كل 10 مشاركين (أي 70%) يؤمنون بأن هناك حاجة ماسة لبرامج تعليمية وتشريعية تركز على الجوانب الأخلاقية، لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة ومتوازنة.
في التحليل التفصيلي، كان الشباب (داخل الفئة العمرية من 18 إلى 35 عاماً) الأكثر إلحاحاً في هذا الطلب، حيث بلغت نسبتهم 75%. ويعود ذلك جزئياً إلى تعرضهم اليومي للتطبيقات الذكية، مثل الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي أو السيارات ذاتية القيادة. من جهة أخرى، أشار الاستطلاع إلى أن النساء كن أكثر الراغبين في فرض قواعد أخلاقية، بنسبة 72%، مقارنة بالرجال بنسبة 68%.
أهمية الوعي الأخلاقي: مخاطر الذكاء الاصطناعي وفرصته
يأتي هذا الطلب في سياق عالمي، حيث شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تطوراً سريعاً يثير أسئلة أخلاقية عميقة. في الإمارات، التي تعد مركزاً للابتكار التقني من خلال مبادرات مثل “برنامج الذكاء الاصطناعي الوطني”، يُشكل الوعي الأخلاقي حاجزاً أساسياً لحماية المجتمع. على سبيل المثال، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انتهاك الخصوصية من خلال جمع بيانات شخصية دون موافقة، أو تعزيز التمييز إذا تم برمجته بناءً على بيانات متحيزة. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحساسة، مثل الرعاية الصحية أو القضاء، يتطلب ضوابط أخلاقية لتجنب الآثار السلبية.
يقول الدكتور محمد العوضي، خبير في الذكاء الاصطناعي من جامعة الإمارات: “النتائج تؤكد أن المجتمع الإماراتي لم يعد يرى الذكاء الاصطناعي كمجرد أداة تقنية، بل كمسؤولية اجتماعية. نحتاج إلى بناء جيل يفهم كيفية دمج القيم الأخلاقية في الابتكار، لتحقيق التوازن بين التقدم والأمان”. هذا الرأي يتزامن مع جهود الحكومة الإماراتية، التي أطلقت مؤخراً استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز التنظيم الأخلاقي، بما في ذلك إنشاء هيئات رقابية لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي.
التحديات والفرص المستقبلية
رغم الوعي المتزايد، تواجه الإمارات تحديات في تنفيذ هذه المتطلبات، مثل نقص المهارات التعليمية والتنسيق بين القطاعين العام والخاص. ومع ذلك، تقدم الدراسة فرصاً للإصلاح، مثل إطلاق حملات توعية عامة وبرامج تدريبية في المدارس والجامعات. كما يمكن للشركات التقنية في الإمارات، مثل تلك المشاركة في “برج خليفة الذكي”، أن تتبنى معايير أخلاقية دولية، مثل تلك التي تصدرها منظمة اليونسكو.
في الختام، تُعد هذه الدراسة دعوة للعمل، حيث أكدت أن 70% من شعب الإمارات ليسوا مستعدين لقبول الذكاء الاصطناعي دون ضمانات أخلاقية. إذا تم الاستجابة لهذا الطلب، يمكن للإمارات أن تكون رائدة عالمياً في دمج التقنية مع القيم الإنسانية، مما يعزز الثقة ويحقق التنمية المستدامة. الآن، أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومة والقطاع الخاص خطوات فورية لتحويل هذه الرغبات إلى واقع ملموس.

تعليقات