تناقض مذهل: حكومة اليمن تحظر العملات الأجنبية وترفع رسوم العمرة بنسبة 60% بالريال السعودي.

أثارت القرارات الأخيرة للحكومة اليمنية جدلاً واسعاً بين المواطنين والمحللين الاقتصاديين، خاصة مع التناقض بين حظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المحلية والزيادة الكبيرة في رسوم العمرة والحج بالريال السعودي. هذا التباين يبرز تحديات السياسات الاقتصادية في ظل الأزمات المستمرة، حيث يشعر الكثيرون بأن هذه القرارات تعيق قدرتهم على أداء الشعائر الدينية بسبب الضغوط المالية المتزايدة.

القرارات الحكومية اليمنية: الجدل والتأثيرات

شهدت رسوم العمرة ارتفاعاً حاداً من 500 ريال سعودي إلى 800 ريال سعودي، بزيادة تصل إلى 300 ريال سعودي، وفقاً لقرارات وزارة الأوقاف والإرشاد. هذا الارتفاع يترجم إلى نحو 320 ألف ريال يمني في عدن، حيث يساوي الريال اليمني 400 مقابل الريال السعودي، في حين يصل إلى 112 ألف ريال يمني في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، حيث يبلغ السعر 140. ويمتد هذا الارتفاع ليشمل رسوم الحج، إذ حددت الوزارة رسوم السفر البري بنحو 13 ألف و475 ريال سعودي، أو حوالي 5 ملايين ريال يمني في مناطق الحكومة، بينما تصل تكلفة السفر الجوي إلى 13 ألف و813 ريال سعودي، وتصل الخيارات الممتازة إلى 42 ألف و398 ريال سعودي. هذه الزيادات تأتي في وقت يعاني فيه السكان من تدهور اقتصادي، مما يجعلها عبئاً إضافياً على المواطنين.

عبّر مواطنون مثل صادق العديني عن استيائهم، معتبرين أن هذا الارتفاع غير مبرر وسيفاقم الأعباء المالية، خاصة بعد أن كان يدفع 500 ريال سعودي فقط قبل ستة أشهر. كما أشار فكري الحمادي إلى أن تكاليف السفر الأخرى، مثل الانتظار في منفذ الوديعة الحدودي، قد تزيد عن 200 إلى 250 ريال سعودي. المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي رأى في ذلك علامة على الارتباك داخل الجهات الحكومية، مشيراً إلى أن القرارات المتعلقة بالإصلاحات النقدية لا تخضع لدراسة كافية، مما يعكس غياب التنسيق بين المؤسسات. وأكد الشرعبي أن الريال السعودي يسيطر على التعاملات في عدن ومناطق أخرى، بما في ذلك مكاتب السفر، رغم القرار الرسمي بحظره، مما يفتح الباب لممارسات استغلالية مثل النصب في الحصول على وثائق السفر، حيث قد تضيف التكاليف الإضافية مبلغاً يعادل نصف سعر التذكرة، الذي يتراوح بين 500 إلى 600 دولار أمريكي.

التناقضات في السياسات المالية اليمنية

تأتي هذه التطورات وسط ظروف صعبة في اليمن، خاصة بعد هجمات أثرت على الخطوط الجوية، مما أدى إلى توقف الرحلات من صنعاء وأزمة في قطاع النقل. استجابت الحكومة بفتح المجال أمام شركات طيران خاصة، مثل شركة طيران عدن الجديدة، التي ستبدأ رحلاتها إلى القاهرة في 27 أكتوبر. كما أعلنت وزارة الأوقاف اعتماد 234 منشأة لتفويج الحجاج، مع تأكيد أن الرسوم تغطي الخدمات الأساسية دون تضمين تكاليف النقل. ومع ذلك، يرى المواطنون هذه الزيادات كشكل من أشكال الاستغلال، خاصة في ظل عدم تطبيق قرار حظر العملات الأجنبية بشكل متسق، حيث تظل مكاتب السفر تعتمد الريال السعودي. هذا التناقض يكشف عن تحديات حقيقية في تنفيذ السياسات، مما يزيد من معاناة السكان اقتصادياً ويحد من قدرتهم على أداء مناسكهم الدينية بحرية.

في السياق نفسه، استهجن الجميع إعلان رسوم الحج بالريال السعودي رغم القرار الحكومي، مما يبرز الحاجة إلى مراجعة شاملة للسياسات لضمان التناسق وتجنب الاستثناءات التي تضر بالمواطنين. في ظل التدهور الاقتصادي، يشكل هذا الوضع عبئاً إضافياً، حيث يتعين على الأفراد مواجهة سلسلة من التكاليف الباهظة للوثائق والسفر، مما يعيق حريتهم في أداء الشعائر الدينية ويزيد من الضغوط المالية العامة. بشكل عام، يتطلب الأمر جهوداً حكومية أكبر لتوفير الاستقرار ودعم قدرة المواطنين على مواجهة هذه التحديات دون زيادة أعبائهم.