مناوي يدعو إلى حماية المدنيين في الفاشر، ومنظمة أطباء السودان تتهم قوات الدعم السريع بقتل العشرات.

مع تفاقـم الأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر، يواجه المدنيون مخاطر جسيمة تتطلب تدخلاً عاجلاً. الوضع هناك يعكس صراعات دامية أدت إلى سقوط العديد من الضحايا، حيث يُدعى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب المتضررين.

الأزمة الإنسانية في الفاشر تتفاقم

في ظل التوترات المتصاعدة في دارفور، أكد حاكم الإقليم مني مناوي على ضرورة تقديم حماية فورية للمدنيين في مدينة الفاشر، التي أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة عليها مؤخراً. هذه السيطرة جاءت بعد أن كانت المدينة آخر معقل إداري رئيسي للجيش السوداني في المنطقة، مما أثار مخاوف حول مصير الآلاف من النازحين والسكان المحليين. مناوي شدد في تصريحاته على ضرورة الكشف عن مصير هؤلاء النازحين وإجراء تحقيق مستقل حول الانتهاكات المزعومة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، بما في ذلك انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان وحماية المدنيين.

من جانب آخر، أثارت “شبكة أطباء السودان” القلق العالمي من خلال اتهاماتها الرسمية لقوات الدعم السريع بارتكاب عمليات تصفية عرقية ونهب منظم للمرافق الطبية والصيدليات في الفاشر. وفقاً للبيان الصادر عن الشبكة، قامت هذه القوات بقتل مواطنين عزل تماماً على أساس انتمائهم العرقي، حيث أكدت تقارير فرقها الميدانية أن عدد الضحايا يتجاوز العشرات، ويمكن وصفه بأنه يصل إلى مستويات كارثية. هذه الانتهاكات لم تقتصر على القتل فحسب، بل شملت تدمير البنية التحتية الصحية، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل خطير، خاصة مع الحصار المكثف الذي فرض على المدينة لشهور طويلة.

يعزز هذا الواقع من مخاوف انتشار الكوارث الإنسانية في المنطقة، حيث أصبح الفاشر رمزاً للصراعات المستمرة في دارفور. الضحايا يشملون أطفالاً ونساءً وشيوخاً، الذين يعانون من نقص في الطعام والدواء، بينما يتصاعد التهجير القسري. هذا الوضع لم يكن مفاجئاً، إذ كانت المنطقة تشهد توترات متزايدة منذ أشهر، مما أدى إلى نزوح جماعي وارتفاع عدد الإصابات والوفيات. المجتمع الدولي مطالب الآن بتفعيل آلياته لمنع تفاقم الأمر، مع التركيز على حماية المدنيين وضمان الوصول إلى المساعدات الإنسانية.

الانتهاكات الجماعية في دارفور تثير الاستنكار

يُعتبر ما يحدث في الفاشر نموذجاً واضحاً للانتهاكات الجماعية، حيث رفعت شبكة أطباء السودان صوتها عالياً لتصف الاحداث بأنها تتجاوز الانتهاكات العادية لترقى إلى مستوى القتل الجماعي. في بيانها، حملت القوات المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، داعية الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية إلى التدخل الفوري لوقف المجازر وحماية السكان. هذه الدعوات تأتي في سياق تحديات أوسع تجتاح المنطقة، مثل انتشار الأمراض بسبب نقص الرعاية الصحية والحاجة الملحة للمساعدات.

تعود جذور الأزمة إلى التصعيد العسكري الذي شهدته دارفور، حيث أصبحت الفاشر ساحة للاشتباكات المسلحة التي أثرت على الحياة اليومية للسكان. التقارير تشير إلى أن الحصار أدى إلى نقص حاد في الموارد الأساسية، مما زاد من معاناة الناس، خاصة الأطفال والنساء. في هذا السياق، يبرز دور القوات المتنازعة في تعميق الآثار الإنسانية، حيث يتم استهداف المجتمعات على أساس عرقي واقتصادي، مما يهدد بتحويل المنطقة إلى كارثة إنسانية كبيرة.

بالنظر إلى المستقبل، من الضروري أن تستجيب الجهات الدولية بفعالية لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين. يتطلب ذلك تعزيز الجهود الدبلوماسية والإنسانية لفتح ممرات آمنة للمساعدات وإجراء تحقيقات محايدة. الفاشر ليست مجرد نقطة على الخريطة، بل هي رمز للصمود الإنساني في وجه الوحشية، وإنقاذها يعني إنقاذ أرواح آلاف الأبرياء. مع استمرار الصراع، يجب أن يكون التركيز على بناء حلول دائمة تشمل جميع الأطراف لمنع تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل.