قال رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في تصريحاته الأولى بعد الاستيلاء المحتمل لقوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، إن قيادة الجيش في المنطقة كانت قد قدرت ضرورة الانسحاب لتجنب المزيد من الدمار والقتل المنهجي للمدنيين. وأوضح أن هذا القرار جاء كرد على الظروف المتردية في المدينة، حيث وافق الجيش على مغادرة القوى المحلية إلى مناطق أكثر أمانًا للحفاظ على حياة السكان والحماية من الانتهاكات. هذا التصريح يعكس التوترات المتزايدة في النزاع المستمر، الذي شهد اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم.
تصريحات البرهان حول الانسحاب من الفاشر
في كلمته التي نقلتها وكالة الأنباء السودانية، أكد البرهان أن هذه الأحداث تمثل جزءًا من سلسلة العمليات العسكرية المفروضة على البلاد، مشددًا على أن القوات المسلحة ستحقق النصر بفضل دعم الشعب السوداني. وقال إن “القوات المسلحة ستنتصر لأنها مسنودة بالشعب، وستحسم المعركة لصالح الشعب السوداني كله”. كما أعرب عن عزمه على الاقتصاص للجرائم التي وقعت في الفاشر، موضحًا أن مثل هذه الانتهاكات، التي تشمل القتل المنظم والتدمير، وقعت في مناطق أخرى من السودان دون استجابة مناسبة من المجتمع الدولي. يُذكر أن سيطرة قوات “الدعم السريع” على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، قد يمثل نقلة نوعية في النزاع، حيث يمكن أن يساعد في ترسيخ هيمنتها على الإقليم الشاسع وتشكيل حكومة موازية، مما قد يعجل بتقسيم البلاد.
القيادة العسكرية تواجه مخاطر في دارفور
من جانب آخر، حاصرت قوات “الدعم السريع” مدينة الفاشر لأكثر من 18 شهرًا، مما أدى إلى غارات مستمرة بالطائرات بدون طيار والمدفعية، وأسفر عن مجاعة تهدد حياة 250 ألف شخص في غرب المدينة. وفق تقارير من نشطاء ومنظمات دولية، فإن هذا الحصار أدى إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك عمليات سطو واختطاف واعتداءات جنسية على المدنيين الذين غادروا المنطقة. بعثة من الأمم المتحدة أكدت أن قوات “الدعم السريع” ارتكبت جرائم متعددة، في حين اتهم الجيش بارتكاب جرائم حرب أيضًا. كما أظهر مقطع فيديو لعناصر من القوة وهم يهتفون في قاعدة عسكرية، مما يؤكد سيطرتهم، إلا أن السياق الزمني لم يتم التأكيد عليه. في السياق الواسع، انطلقت الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في أبريل 2023 بسبب خلافات حول دمج القوات خلال فترة انتقالية نحو الديمقراطية، مما أدى إلى تشريد ملايين الأشخاص، انتشار المجاعة والأمراض، وإغراق نصف سكان السودان في الجوع. خلال عطلة نهاية الأسبوع، عقدت الولايات المتحدة اجتماعات مع دول أخرى لمناقشة خطط سلام، رغم نفي المجلس السيادي لأي مشاركة في محادثات غير مباشرة. يعاني سكان الفاشر من انقطاع الاتصالات، مما يجعلهم يعتمدون على محطات ستارلينك للوصول إلى الإنترنت، فيما يحذر النشطاء من خطر هجمات انتقامية عرقية قد تشبه ما حدث في مخيمات النازحين مثل زمزم. بهذه الطريقة، يستمر النزاع في تعميق الانقسامات، مع تجدد الدعوات لوقف عاجل لإنهاء المأساة الإنسانية.

تعليقات