إيلو باتيجللي: قصة الأسير الإيطالي الذي عمل في أرامكو وغيرت حياته تمامًا

خضعت إثيوبيا وإريتريا للاستعمار الإيطالي عقب الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية في عام 1935، خلال عهد الديكتاتور بنيتو موسوليني، لكن الحلفاء حرروها بعد الحرب العالمية الثانية. أسفر ذلك عن أسر العديد من الإيطاليين الذين كانوا يعيشون هناك كجنود أو مستوطنين. واجه هؤلاء ظروفاً قاسية، بما في ذلك الجوع والمرض، قبل أن يتم تجنيدهم في شركة أرامكو في السعودية لاستخدام مهاراتهم في مجالات مثل البناء والكهرباء.

سيرة إيلو باتيجللي

وُلد إيلو باتيجللي في عام 1922 في إيطاليا، وكان أكبر أبناء عائلة كبيرة. تدرب على مهنة التصوير الفوتوغرافي مع عمه قبل أن يهاجر إلى إريتريا في عام 1938. خلال الحرب العالمية الثانية، أُسر مع آخرين، ثم انتقل إلى السعودية للعمل في أرامكو في منتصف الأربعينات. هناك، ساهم في بناء المنشآت النفطية الأولى، مثل مصفاة رأس تنورة عام 1944، وأشرف على تطويرها. كان باتيجللي معروفاً بمهارته في التصوير، حيث أنشأ استوديو في رأس تنورة وأطلق على نفسه لقب “إيلو القرصان” ليبرز شخصيته المغامرة. عمل على توثيق مشاريع النفط والحياة اليومية في المنطقة الشرقية، مما ساعد في تسجيل تاريخ تلك الفترة. على سبيل المثال، التقط صوراً فنية للملك عبدالعزيز خلال زيارته عام 1947، بالإضافة إلى صور للصحراء وجزيرة تاروت والخبر. كان يتميز باندماجه مع المجتمع المحلي، حيث تعلم العربية وأقام علاقات طيبة مع الأمراء والعمال، مما مكنه من الوصول إلى أماكن مثل قصر أمير الشرقية.

مع مرور السنوات، شارك في الإضرابات العمالية في مطلع الخمسينات مطالبًا بحقوق أفضل، ثم غادر أرامكو عام 1954 ليتفرغ للفن. سافر إلى الولايات المتحدة لعرض أعماله، لكنه عاد إلى إيطاليا بسبب مرض والدته. لاحقًا، عمل في روديسيا على مشروع سد كاريبا، واستمر في التصوير حتى تقاعده عام 2000. توفي في عام 2009، تاركًا إرثاً فنياً اعترفت به جائزة فريولي فينيتسيا جوليا، وقد عُرضت أعماله في معارض دولية، بما في ذلك دارة الملك عبدالعزيز في الرياض. كان باتيجللي رمزاً للإبداع والتكيف، حيث تحول من أسير حرب إلى مصور توثيقي ساهم في وصف تطور السعودية.

مغامرات الفنان الإيطالي

كان إيلو باتيجللي نموذجاً للروح المغامرة، فبعد انتقاله إلى السعودية، لم يقتصر عمله على البناء والتشييد بل امتد إلى التصوير الذي أصبح هويته. في رأس تنورة، استخدم كاميرته من نوع روليفلكس لالتقاط صور توثيقية لمنشآت النفط وأحداث الحياة اليومية، مما جعل أعماله مصدراً تاريخياً ثميناً. كما عكست صوره الثقافة المحلية، من خلال تصوير الأسواق في الخبر والبحرين، وكانت تلك الجهود جزءاً من مساهمته في ربط العالم بالمنطقة. مع مرور الزمن، توجت جهوده بمعارض فنية في جامعات عالمية، مما يؤكد على دوره كفنان متميز ساهم في التواصل الثقافي بين إيطاليا والسعودية. إرثه يظل شاهداً على كيف أصبح الأفراد مثل باتيجللي جزءاً من تاريخ التنمية النفطية في الشرق الأوسط.