في أحد التطورات القضائية المهمة في ليبيا، تم قبول طعن رسمي ضد الأحكام السابقة المتعلقة بكارثة انهيار سدي وادي درنة، مما فتح الباب لإعادة محاكمة عدد من المسؤولين. هذه الخطوة تأتي كرد فعل لما اعتبر مخالفات قانونية في الإجراءات الأولية، وتشكل محورا هاما في محاسبة الأطراف المسؤولة عن إدارة المرافق الرئيسية في البلاد.
إعادة محاكمة مسؤولي السدود في ليبيا
أكدت المحكمة العليا الليبية قبولها للطعن المقدم ضد قرارات محكمة استئناف درنة الصادرة في 28 يوليو 2024. هذا القرار يعني إعادة فتح القضية بشأن الكارثة التي حدثت في سبتمبر 2023، عندما أدت عاصفة “دانيال” إلى انهيار السدود المحيطة بمدينة درنة ومناطق الجبل الأخضر، مما نتج عنه إحدى أكبر الكوارث الإنسانية في تاريخ ليبيا الحديث. خلال الجلسة الأولى لإعادة المحاكمة، التي انعقدت أمس في محكمة استئناف بنغازي، قررت المحكمة تأجيل الإجراءات إلى 30 نوفمبر القادم، مع الحفاظ على وضع الحبس الوقائي للمتهمين. هذا الإجراء يبرز التزام النظام القضائي الليبي بالعدالة والدقة في التعامل مع قضايا تهدد حياة المواطنين والبنية التحتية الأساسية.
نقض الحكم القانوني السابق
كان الحكم الأولي من محكمة استئناف درنة قد أدين 12 مسؤولا من إدارة مرفق السدود بأحكام سجن تتراوح بين 9 و27 عاما، بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة. ومع ذلك، تم تبرئة أربعة متهمين آخرين من بين 16 شخصا خضعوا للتحقيقات الأولية. الآن، مع نقض الحكم السابق من قبل المحكمة العليا، يتم إعادة النظر في كل التفاصيل لضمان مراعاة القانون بشكل كامل. هذا النقض يعكس الحاجة إلى إجراءات أكثر شمولا، حيث يتم التحقيق في الأخطاء الإدارية والتخطيطية التي ساهمت في الكارثة، مثل عدم الصيانة المناسبة للسدود أو تقصير في الإنذار المبكر أمام الظروف الجوية المتقلبة. يُعتبر هذا التطور خطوة نحو تعزيز المساءلة في قطاع الإدارة العامة، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الاستراتيجية التي تؤثر على سلامة المجتمعات.
بشكل أوسع، تكشف قضية انهيار سدود درنة عن التحديات الكبيرة التي تواجه ليبيا في إدارة موارد المياه والوقاية من الكوارث الطبيعية. خلال العام الماضي، أسفرت الفيضانات عن آلاف الضحايا وتدمير واسع النطاق للمنازل والمرافق، مما أثار نقاشا حادا حول جاهزية الحكومة وفعالية الإجراءات الوقائية. في سياق إعادة المحاكمة، سيتم التركيز على تقييم الأدوار التي لعبها المسؤولون، بما في ذلك تقييم الخطط الاستثنائية للتعامل مع الطقس القاسي. كما أن هذه القضية تبرز أهمية تعزيز التشريعات المتعلقة بحماية البيئة والبنية التحتية، لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. من المتوقع أن تؤدي الجلسات المقبلة إلى نتائج أكثر عدلا، مع النظر في آراء خبراء بيئيين وهندسيين لفهم الأسباب الرئيسية للانهيار. في الختام، يمثل هذا الإجراء قضائيا فرصة لإصلاحات شاملة في إدارة الموارد الطبيعية، مما يعزز الثقة في النظام القضائي الليبي ويساهم في بناء مجتمع أكثر أمانا واستقرارا.

تعليقات