لماذا تتمسك المؤسسات الطبية بنظام المناوبات الطويلة رغم مخاطرها الصحية؟ استشاري يفسر الأسباب!
أسباب إصرار المؤسسات الطبية على نظام المناوبات الطويلة
في عالم الرعاية الصحية، يظل نظام المناوبات الطويلة مصدرًا للجدل، حيث يؤكد الدكتور بدر المسيعيد، الاستشاري في جراحة المسالك البولية، على أن المؤسسات الطبية تتمسك بهذا النظام رغم التحديات الصحية التي يفرضها. يرجع ذلك جزئيًا إلى مخاوف تاريخية حول جودة الرعاية، حيث سادت اعتقادات سابقة تشير إلى أن تعرض المريض لعدة أطباء قد يقلل من مستوى العناية ويزيد من فرص حدوث مضاعفات. ومع ذلك، يشير الدكتور إلى أن هذه الأفكار لم تثبت صحتها من خلال الدراسات المتعددة، مما يدفعنا لفهم كيف يمكن لنظام المناوبات أن يحافظ على الاستمرارية دون التأثير سلبًا على صحة المرضى أو الأطباء.
تأثيرات نظام الدوام الطويل في الرعاية الصحية
يبرز نظام الدوام الطويل كعنصر أساسي في تنظيم العمل الطبي، حيث يسمح بتغطية الخدمات على مدار الساعة، لكنه يثير أسئلة حول تأثيره على صحة المهنيين الطبيين. وفقًا لما ذكره الدكتور المسيعيد، فإن الاعتقاد السائد بأن التبادل بين الأطباء خلال المناوبات يقلل من جودة العلاج لم يجد دعمًا من الأبحاث العلمية. في الواقع، تشير الدراسات إلى أن الأطباء الذين يشاركون في متابعة المرضى يمكنهم تقديم رعاية فعالة، دون زيادة في المضاعفات، شريطة أن يكون هناك تنسيق جيد. هذا النظام، على الرغم من ضغوطه، يضمن توفر الخدمات الطبية في أوقات الطوارئ، مما يساهم في إنقاذ حياة المرضى في حالات الطوارئ الشديدة.
في سياق أوسع، يمكن النظر إلى نظام الدوام الطويل كنموذج يعكس التوازن بين الاحتياجات التشغيلية للمستشفيات والصحة النفسية للأطباء. على سبيل المثال، يواجه الأطباء تحديات مثل الإرهاق والضغط النفسي الناتج عن ساعات العمل الطويلة، والتي قد تؤثر على أدائهم بشكل غير مباشر. ومع ذلك، فإن البحوث التي أجريت في هذا المجال تظهر أن التدريب المناسب والفرق المتكاملة يمكن أن تقلل من هذه المخاطر. يقول الدكتور إن التركيز على بناء نظام مناوبات يعتمد على التعاون بين الفرق الطبية، بدلاً من الاعتماد على أفراد منفردين، يمكن أن يحسن النتائج الإيجابية للمرضى. هذا النهج يساعد في الحفاظ على مستوى عالٍ من الرعاية دون الوقوع في فخ الاعتقادات الخاطئة القديمة.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب دور التقنيات الحديثة، مثل أنظمة المعلومات الطبية المتكاملة، في تسهيل نظام الدوام الطويل من خلال تسهيل نقل المعلومات بين الأطباء. هذا يعني أن المريض يمكنه تلقي العلاج من فريق متعدد دون فقدان الاستمرارية. في الواقع، أظهرت دراسات حديثة أن هذه الطريقة لم تؤدِ إلى زيادة في المضاعفات، بل على العكس، قد تعزز الرعاية من خلال توفير آراء متعددة. ومع ذلك، يجب على المؤسسات الطبية أن تعمل على تقليل الآثار السلبية، مثل تقديم برامج للراحة والتدريب للأطباء للتعامل مع الضغوط. هكذا، يصبح نظام الدوام الطويل أداة فعالة لضمان الرعاية المستمرة، مع التركيز على تحسين شروط العمل للمهنيين.
في الختام، يظل من الضروري أن تتطور الممارسات الطبية لتناسب التحديات الحديثة، مع الاعتماد على الأدلة العلمية لتجنب الاعتقادات غير المدعومة. نظام الدوام الطويل، رغم تحدياته، يمثل جزءًا حاسمًا من منظومة الرعاية الصحية، حيث يساعد في توفير الخدمات بشكل فعال، ويفتح الباب لمناقشات حول كيفية جعله أكثر أمانًا وكفاءة.

تعليقات