نصرة البوعينين: الشمولية وسهولة الوصول ركيزتان في رؤيتنا الثقافية لـ «متحف زايد الوطني»
مقدمة: رؤية ثقافية تنطلق من الشمول والوصول
في قلب الإمارات العربية المتحدة، يقف «متحف زايد الوطني» كرمز للتراث والتطلع نحو المستقبل، مخصصًا لتخليد إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة. يُعد هذا المتحف، الذي يقع في أبو ظبي، أكثر من مجرد معرض للآثار والقصص التاريخية؛ إنه منصة ثقافية تعزز الوحدة الوطنية والتعاون العالمي. في هذا السياق، يبرز دور نصرة البوعينين، الخبير الثقافي والمدير التنفيذي للمشاريع الثقافية في الإمارات، كصوت رئيسي يؤكد على أن الشمولية (Inclusivity) وسهولة الوصول (Accessibility) هما الركيزان الرئيسيان في رؤيتنا الثقافية لهذا المتحف. في مقاله هذا، نستعرض كيف تعكس هاتان الركيزان فلسفة المتحف كمؤسسة تعليمية واجتماعية، وكيف ترتبطان بفكر نصرة البوعينين في بناء مجتمع متكامل.
الشمولية: باب مفتوح لكل الثقافات والأجيال
تعرف الشمولية، كما يؤكد نصرة البوعينين في تقاريره الثقافية، بأنها القدرة على احتضان جميع الأصوات والتجارب دون استثناء. في رؤية المتحف الوطني لزايد، ليست الشمولية مجرد كلمة بل مبدأ يُطبق عمليًا من خلال تصميم المعارض التي تعكس تنوع المجتمع الإماراتي والعالمي. على سبيل المثال، يحتوي المتحف على معارض خاصة بالهجرة الإماراتية، حيث يُبرز قصص الأفراد من مختلف الخلفيات الثقافية، بما في ذلك العمالة الأجنبية والمجتمعات الأفريقية والآسيوية التي ساهمت في بناء الدولة.
يقول نصرة البوعينين في إحدى مقابلاته: “الشمولية ليست اختيارًا بل ضرورة في عالم متصل. في متحف زايد، نهدف إلى أن يكون كل زائر جزءًا من القصة، سواء كان طفلًا من إحدى القرى الإماراتية أو سائحًا من أوروبا”. هذا النهج يتجلى في برامج المتحف التعليمية، مثل ورش العائلات والأطفال، التي تدمج الثقافات المحلية مع الدولية، وتشجع على المشاركة الفعالة. كما تم إدراج معارض رقمية تعرض قصصًا شخصية من النساء وأصحاب الإعاقات، مما يضمن أن يشعر الجميع بالانتماء. هكذا، تحول المتحف من مكان للعرض إلى منصة حية تروي تاريخًا شاملاً يعكس واقع المجتمع الإماراتي المتعدد.
سهولة الوصول: جسر بين الجميع والمعرفة
أما سهولة الوصول، فهي الركيزة الثانية التي يؤكدها نصرة البوعينين كجزء من رؤية المتحف الثقافية. في عصر التكنولوجيا، يجب أن يكون الوصول إلى التراث سهلًا ومتاحًا للجميع، سواء من حيث التصميم الجسدي أو الرقمي. يُذكر أن متحف زايد الوطني قد صُمم بمعايير عالمية للإمكانية، مثل ممرات واسعة لكراسي العجلات، وترجمة التعليقات الصوتية إلى عدة لغات، بما في ذلك لغة الإشارة لصالح الأشخاص ذوي الإعاقات السمعية.
في كلمات نصرة البوعينين: “الوصول ليس مجرد بناية خالية من العوائق، بل هو نظام يجعل المعرفة متاحة للكل. من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، يمكن للزائرين الاستكشاف الافتراضي للمعارض من منازلهم، مما يوسع دائرة الوصول إلى أكبر عدد ممكن”. هذا التركيز على الوصول يظهر في مبادرات مثل الجولات الافتراضية عبر الإنترنت، التي ساهمت في زيادة عدد الزوار خلال جائحة كورونا، وبرامج التعليم عن بعد التي تستهدف الطلاب في المناطق النائية. بالإضافة إلى ذلك، يشمل المتحف خيارات للزيارات المجانية للفئات الأكثر عرضة، مثل الطلاب والمسنين، مما يضمن أن يكون الفن والتاريخ متاحًا للجميع دون حواجز مالية أو اجتماعية.
الربط بين الركيزن وأثرها في الرؤية الثقافية
يربط نصرة البوعينين بين الشمولية وسهولة الوصول كجزء من رؤية شاملة للثقافة في الإمارات. في نظره، هاتان الركيزان ليستا مجرد مبادئ للمتحف، بل هي امتداد لقيم الشيخ زايد التي تركز على الوحدة والتكافل. عبر هذا النهج، يصبح متحف زايد الوطني قوة محركة للتعليم والتنمية، حيث يساهم في بناء جيل جديد يقدر التراث بطريقة مستدامة. كما أن هذه الركائز تعزز من دور الإمارات كمركز ثقافي عالمي، حيث يجذب المتحف السياحة الثقافية وزيادة التبادل الدولي.
خاتمة: نحو مستقبل ثقافي شامل
في الختام، يؤكد نصرة البوعينين أن الشمولية وسهولة الوصول هما المفتاح لتحويل «متحف زايد الوطني» إلى رمز حي للإمارات. هذان الركيزان ليسا فقط جزءًا من الرؤية الثقافية، بل هما أداة لتعزيز الوحدة الاجتماعية والتعليم المستدام. من خلال تطبيق هذه المفاهيم، يستمر المتحف في الاحتفاء بإرث الشيخ زايد، مع تأكيد على أن الثقافة هي حق للجميع. في ظل قيادة أمثال نصرة البوعينين، يبقى المتحف نموذجًا لكيفية دمج الماضي مع الحاضر لبناء مستقبل أفضل. دعونا نعمل معًا لتعزيز هذه الرؤية، فالثقافة الحقيقية هي التي تطال القلوب والعقول على حد سواء.

تعليقات