ترجمة كتاب “فيل على إصبعي” إلى الألمانية: لحظة فخر في الأدب العربي للأطفال
المقدمة
في عالم الأدب العربي للأطفال، يبرز كتاب “فيل على إصبعي” كرواية ساحرة تجمع بين الخيال والدروس الأخلاقية. كتبه الكاتبة المصرية الراحلة نهى رضوان في عام 1979، يروي القصة عن طفلة تحاول مواجهة خوفها من الفيلة من خلال خيالها الخصب، حيث يصبح الفيل صديقاً يجلس على إصبعها. هذا الكتاب، الذي يُعتبر جزءاً من التراث الثقافي العربي، لم يقتصر تأثيره على المنطقة العربية فحسب، بل تجاوز الحدود من خلال ترجماته إلى لغات مختلفة. في هذا المقال، سنستعرض ترجمة الكتاب إلى الألمانية، وكيف مثلت هذه الخطوة “لحظة فخر” للأدب العربي، مما يعكس دور الترجمة في تعزيز التبادل الثقافي العالمي.
خلفية الكتاب وأهميته
“فيل على إصبعي” هو أكثر من مجرد قصة للأطفال؛ إنه رحلة تعليمية تتعامل مع مواضيع مثل الخوف، الصداقة، والإبداع. كتبته نهى رضوان، التي تعد من أبرز كاتبات الأدب الطفولي في مصر، وأصدرته دار النشر المصرية في البداية. سرعان ما أصبح الكتاب محط إعجاب ليس فقط في العالم العربي، بل وفي مهرجانات الكتب الدولية. يُرجع الفضل في شعبيته إلى أسلوبه السلس، ورسومه الجذابة، التي تعكس الثقافة العربية بطريقة بسيطة وجذابة.
في السنوات الأخيرة، شهد الكتاب ترجمات إلى عدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية والفرنسية، مما يعزز من دوره كجسر ثقافي. أما الترجمة إلى الألمانية، فتمثل خطوة محورية، حيث تم نشرها لأول مرة في عام 2015 من قبل دار نشر ألمانية متخصصة في الأدب الدولي، وبعنوان “Ein Elefant auf meinem Finger” (فيل على إصبعي). هذه الترجمة لم تكن مجرد عمل فني، بل كانت “لحظة فخر” حقيقية، حيث أبرزت الجهود الدولية في نشر الإرث الأدبي العربي، خاصة في أوروبا.
عملية الترجمة: تحديات وإنجازات
ترجمة كتاب مثل “فيل على إصبعي” إلى الألمانية لم تكن مهمة سهلة. يتطلب الأمر فهماً عميقاً للثقافة العربية ولغة الأطفال، بالإضافة إلى الحفاظ على الطابع الشعري والخيالي للقصة. قامت بالترجمة الكاتبة والمترجمة الألمانية كارولا غراي، التي تخصصت في ترجمة الأدب العربي. غراي ذكرت في مقابلة معها أنها سعيت إلى الحفاظ على اللمسات الثقافية، مثل استخدام مصطلحات ترتبط بالحياة اليومية في العالم العربي، مع تكييفها ليفهمها الأطفال الألمان.
من بين التحديات الرئيسية كانت الحفاظ على الإيقاع الشعري في القصة، حيث يعتمد الكتاب على اللعب بالكلمات والصور الرمزية. على سبيل المثال، فكرة “الفيل على الإصبع” تمثل رمزاً للخوف الذي يبدو هائلاً في نظر الطفل، وتم ترجمتها بحرفية لتعكس نفس التأثير في اللغة الألمانية. كما شملت الترجمة إعادة تصميم الرسوم لتتناسب مع الذوق الأوروبي، مع الحفاظ على جوهرها العربي.
هذه الترجمة مثلت “لحظة فخر” لأنها جاءت في سياق تزايد الاهتمام بالأدب العربي في ألمانيا، خاصة بعد موجات الهجرة وبرامج التبادل الثقافي. في عام 2016، حصل الكتاب على جائزة في مهرجان فرانكفورت للكتاب، مما يعكس الإعجاب الدولي بجهود الترجمة هذه.
السياق الثقافي: لحظة فخر للأدب العربي
يشير مصطلح “لحظة فخر” إلى الفرصة التي منحتها الترجمة للاحتفال بالتراث العربي. في وقت يسوده التوتر الثقافي في بعض الأحيان، مثل الجدل حول الهوية في أوروبا، قدمت ترجمة “فيل على إصبعي” نموذجاً للتعاون الإيجابي. كما أنها ساعدت في تعزيز فهم الأطفال الألمان للثقافة العربية، من خلال عرض قصة تتعامل مع مشاعر إنسانية مشتركة.
بالإضافة إلى ذلك، مثلت هذه الترجمة فخراً لمصر وللدول العربية، حيث أثبتت أن الأدب العربي للأطفال يمكن أن يتنافس عالمياً. في العالم العربي، تم الاحتفاء بهذه الخطوة كدليل على أن أعمالنا الإبداعية تستحق الانتشار والتقدير. على سبيل المثال، أقامت دار النشر المصرية احتفالية خاصة للاحتفاء بالترجمة، معتبرة إياها خطوة نحو “لحظة فخر” في تاريخ الأدب العربي.
تأثير الترجمة على المستقبل
ترجمة “فيل على إصبعي” إلى الألمانية لم تنتهِ بمجرد نشر الكتاب؛ بل فتحت الباب لمزيد من التبادل الثقافي. اليوم، يُدرس الكتاب في بعض المدارس الألمانية كجزء من برامج التنوع الثقافي، مما يساعد الأطفال على فهم الاختلافات الثقافية من خلال القصص. كما ألهمت هذه الترجمة ترجمات أخرى لأعمال نهى رضوان، مما يعزز من مكانتها ككاتبة دولية.
في الختام، تمثل ترجمة “فيل على إصبعي” إلى الألمانية “لحظة فخر” حقيقية، تذكرنا بقوة الترجمة في ربط الشعوب. في زمن يحتاج فيه العالم إلى المزيد من الجسور الثقافية، يظل كتاب مثل هذا دليلاً على أن القصص البسيطة يمكن أن تحدث تأثيراً كبيراً. إذا كنت مهتماً بالأدب العربي، فإن قراءة النسخة الألمانية من “Ein Elefant auf meinem Finger” هو خطوة رائعة نحو الاحتفاء بالتنوع الثقافي.

تعليقات