عاجل.. أخبار محلية: اكتشاف دور المشرق كحارس الرسالة ومصدر الإيمان!

تعتبر الإمبراطورية الرومانية في مراحلها التقليدية نموذجاً للديانة الوثنية، حيث اعتمدت على موروثات إغريقية ومحلية لتشكيل هويتها الدينية، مع تكريس فكرة الألوهية الإمبراطورية كأساس لشرعية الحكم. هذا الاقتراب من الآلهة والطقوس كان يمثل جوهر النظام السياسي، مما جعل المسيحية النامية تهديداً مباشراً، إذ رفضت عبادة الإمبراطور وركزت على الولاء الروحي المستقل عن السلطة العالمية. نتج عن ذلك اضطهادات شديدة للمسيحيين في القرون الثلاثة الأولى، خاصة تحت حكم نيرون ودقلديانوس، حيث رأى القادة فيها حركة تخريبية تهز الأمن الديني والسياسي. ومع ذلك، أحدث الإمبراطور قسطنطين تحولاً في القرن الرابع، حين اعتنق المسيحية لأسباب سياسية أكثر منها روحية، مما أنهى العصر الوثني وأدى إلى ولادة الإمبراطورية البيزنطية في الشرق. هذه الأخيرة ورثت التراث الروماني لكنها رسخت هوية مسيحية شكلية، محافظة على آليات الهيمنة من خلال تحويل الدين إلى أداة للسيطرة.

المسيحية الغربية المتصهينة وتحريفها للرسالة الأصلية

مع مرور الزمن، تحولت المسيحية من رسالة حرية وكرامة إلى آلية سياسية في أوروبا الغربية، خاصة بعد سقوط روما الغربية وسيطرة بيزنطة. انتقلت القيادة الروحية إلى الشرق في مدن مثل القسطنطينية والقدس، لكن الانقسام بين الشرق والغرب أدى إلى غزو أوروبي للدين، حيث أعيد صياغته ليخدم التمدد الاستعماري. في هذا السياق، شهدت المسيحية عملية “غربنة” سلبتها جذورها المشرقية، وتحولت إلى غطاء للأيديولوجيات الاستعمارية، من الحروب الصليبية إلى العصر الحديث. كما أدى صعود الفكر البروتستانتي إلى “تهويد” المسيحية، من خلال دمج التأويلات التوراتية مع النصوص الإنجيلية، لتبرير قيام الكيان الصهيوني واحتلال فلسطين. هذا التحويل يتناقض مع تعاليم المسيح نفسه، الذي واجه الظلم بقوة، كما في قوله في الإنجيل (يوحنا 8: 44)، حيث انتقد المنحرفين عن الحق.

المشرق كحارس للإيمان الأصيل والمقاوم

في المقابل، تبقى المسيحية المشرقية، رغم ضعفها العددي، حارسة لجوهر الرسالة الأولى، التي تجسد المسيح كرمز للمقاومة والعدالة في فلسطين. هذا الإيمان لم يكن مجرد طقوس، بل صرخة ضد الإمبراطورية والاحتلال، تدعو إلى الكرامة والحرية. ومع ذلك، فإن تحدي اليوم يكمن في استعادة هذا الدور التاريخي للمشرق، لتحرير المسيحية من التزييف الصهيوني، كما يجب تحرير فلسطين من الاحتلال. إن استعادة المشرق كمركز للفكر الروحي لن تعني حماية تراث محلي فحسب، بل إحياء الرسالة الإنسانية التي ولدت هناك. فبينما أصبحت المسيحية الغربية أداة للهيمنة، يمكن للمسيحية المشرقية أن تعيد تعريف الإيمان كقوة للثورة والعدالة، مما يعيد الإنسان إلى جوهره الحقيقي. هذا التحول الروحي ضروري لمواجهة العدوان على الوعي البشري، حيث يتجاوز الصراع الديني إلى كونه معركة لاستعادة الهوية والكرامة في وجه القوى المهيمنة.