توصلت دراسة أمريكية حديثة إلى أن الإفراط في استهلاك الجبن قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون، وذلك بسبب تأثيره السلبي على توازن البكتيريا المفيدة في الأمعاء. أشارت الدراسة، التي أجريت بواسطة كلية بايلور للطب، إلى أن هذا الاستهلاك المفرط يقود إلى تغييرات في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى التهابات واضطرابات تشمل الانتفاخ والإسهال وآلام البطن. هذه التغييرات، على المدى الطويل، قد تسهم في تحول الخلايا الطبيعية في القولون إلى خلايا سرطانية، مما يبرز الحاجة إلى الحذر في تناول هذا الغذاء الشائع.
خطر الجبن على الصحة
تفصّل الدراسة كيف أن عملية التخمير المستخدمة في إنتاج بعض أنواع الجبن تنتج مركبات تؤثر على الميكروبيوم المعوي، مما يسبب اضطراباً في التوازن البكتيري ويخلق بيئة التهابية داخل القولون. شملت الدراسة تحليل عينات من 34 مشاركاً خضعوا لفحوصات تنظير القولون بين عامي 2013 و2017، حيث تم تسجيل معدلات استهلاكهم لمنتجات الألبان مثل الجبن والحليب والزبادي. النتائج كشفت أن الإفراط في تناول الجبن مرتبط بانخفاض مستويات بكتيريا مفيدة مثل Bacteroides وSubdoligranulum، بينما ربطت الدراسة تناول الزبادي بزيادة بكتيريا Faecalibacterium التي تعمل كمضاد للالتهابات. هذه النتائج تدعم الفكرة بأن الجبن، رغم فوائده، يمكن أن يصبح خطراً إذا لم يتم تناوله باعتدال.
مخاطر منتجات الألبان
يؤكد البحث أن الدهون المشبعة في الجبن تلعب دوراً رئيسياً في زيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل سرطان القولون، حيث تؤثر هذه الدهون على صحة الأمعاء بشكل عام. على سبيل المثال، إن انخفاض تنوع البكتيريا المفيدة قد يؤدي إلى زيادة الالتهابات المزمنة، وهو ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الأورام الخبيثة. ومع ذلك، فإن الدراسة لا تنفي فوائد بعض منتجات الألبان، مثل الزبادي، الذي يبدو أنه يعزز من البكتيريا الإيجابية ويقلل من خطر الالتهابات. من المهم أن يأخذ الأفراد بعين الاعتبار هذه التأثيرات عند تنظيم نظامهم الغذائي، خاصة أولئك الذين يعانون من مشكلات هضمية أو لديهم تاريخ عائلي لأمراض القولون. في السياق نفسه، تشير الدراسة إلى أن تبني عادات غذائية متوازنة، تشمل تقليل استهلاك الجبن وتعزيز الأطعمة الغنية بالألياف والخضروات، يمكن أن يساعد في الحفاظ على توازن الميكروبيوم وتقليل المخاطر الصحية على المدى الطويل.
بالإضافة إلى ذلك، تسلط الدراسة الضوء على كيفية تأثير الجبن على الجسم من خلال تغيير البيئة الداخلية للأمعاء، حيث أن الاستهلاك المتكرر يمكن أن يؤدي إلى تراكم السموم التي تثير ردود فعل التهابية. هذا التأثير ليس محصوراً على القولون فقط، بل قد يمتد إلى تأثيرات عامة على المناعة والصحة العامة. على الرغم من أن الجبن يحتوي على العناصر الغذائية مثل الكالسيوم والبروتين، إلا أن الفوائد تتقلص عند الإفراط، مما يجعل من الضروري البحث عن بدائل أكثر أماناً، مثل استخدام منتجات ألبان منخفضة الدهون أو الاستعانة بمصادر أخرى للعناصر الغذائية. في النهاية، يبرز هذا البحث أهمية الوعي بالتغذية اليومية، حيث يمكن أن يكون الاختيار السليم للأغذية حاجزاً وقائياً ضد العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي.

تعليقات