توفيت الملكة الأم سيريكيت، قرينة الملك بوميبول، عن عمر يناهز 93 عامًا.

وفاة الملكة سيريكيت

في لحظة حزينة عاشها الشعب التايلاندي، أعلن الديوان الملكي عن رحيل الملكة الأم سيريكيت عن عمر يناهز 93 عامًا، بعد تعرضها لمشكلات صحية متفاقمة في مستشفى ببانكوك. كانت الملكة سيريكيت رمزًا للاستقرار والحنان في تاريخ تايلاند الحديث، حيث تركت بصمتها كقرينة مخلصة للملك الراحل بوميبول أدولياديج، الذي حكم البلاد لسبعة عقود متتالية منذ عام 1946 حتى وفاته في 2016. ولدت الملكة سيريكيت في عام 1932 في أسرة دبلوماسية، وكبرت في بيئة ثقافية غنية، مما ساهم في تشكيل شخصيتها كأيقونة ثقافية واجتماعية.

عانت الملكة سيريكيت من اضطرابات صحية في السنوات الأخيرة، مما أبطأ من مشاركاتها العلنية، لكن ذلك لم يُعيق تأثيرها الدائم على المجتمع التايلاندي. كانت والدة الملك الحالي ماها فاجيرالونجكورن، وهي الشخصية التي عكست وحدة الأسرة الملكية مع الشعب. تعرف العالم بقصة حبها مع الملك بوميبول، حيث التقيا أثناء دراستها للموسيقى واللغات في باريس. كان والدها يشغل منصب سفير تايلاند في فرنسا، مما جعل تلك الفترة نقطة تحول في حياتها. سرعان ما تطورت العلاقة إلى خطوبة قصيرة، ثم زفاف في عام 1949، حيث أصبحت شريكة دربه في كل التحديات التي واجهت تايلاند خلال فترة حكمه الطويلة. في تلك السنوات، ساهمت الملكة سيريكيت في العديد من البرامج الخيرية، مثل دعم التعليم والرعاية الصحية، مما جعلها محبوبة بين الشعب.

رثاء الملكة الأم

يبقى رحيل الملكة سيريكيت حدثًا مؤلمًا يذكرنا بإرثها الخالد في الملكية التايلاندية. على مدار حياتها، مثّلت قيم الولاء والإخلاص، حيث وقفت إلى جانب الملك بوميبول في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية التي شهدتها تايلاند في القرن العشرين. كانت رمزًا للأناقة والعطاء، فقد شاركت في العديد من الجولات الدبلوماسية التي عززت صورة تايلاند دوليًا. على سبيل المثال، ساهمت في تعزيز الروابط الثقافية مع دول أوروبا، مستلهمة من خلفيتها التربوية في فرنسا. بعد زواجها، أصبحت الملكة فاعلة نشيطة في الشؤون الاجتماعية، حيث ركزت على دعم النساء والأطفال، وأسست عدة منظمات تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة في المناطق الريفية. هذه الجهود جعلتها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البلاد، وضمنت أن تظل ذكراها حية في أذهان الجميع.

في السنوات الأخيرة، مع تزايد حالة صحتها المتردية، انخفضت ظهورها العلنية، لكنها استمرت في إلهام الجيل الجديد من خلال أعمالها الخيرية. الملكة سيريكيت لم تكن مجرد زوجة لملك، بل كانت أمًا للأمة، حيث جسدت قيم الرحمة والاستدامة. يتردد صدى وفاتها الآن كفرصة للتأمل في مسيرتها الطويلة، التي امتدت لأكثر من سبعة عقود. في تايلاند، يُقام الآن مراسم تأبين تكرم إنجازاتها، مع التركيز على كيفية تأثيرها في بناء جيل جديد من القادة. رغم الخسارة، يبقى إرثها مصدر إلهام، حيث تجسد قصة حب وحكم غير عادية أثرت على مسار تاريخ تايلاند. اليوم، يتذكر الشعب الملكة سيريكيت كرمز للثبات والعطاء، مما يضمن أن تظل حياتها درسًا في التفاني والخدمة العامة.