صحيفة المرصد: فيديو يُكشف فيه قصة بائعة بسوق الواديين.. من 30 عاماً مزدهراً إلى مهجور اليوم
في سوق الواديين الشعبي بأبها في منطقة عسير، تروي بائعة محترفة تُعرف بـ”أم فارس” قصة تحول هذا السوق على مدار ثلاثين عامًا، حيث كان يعج بالحيوية والنشاط، لكنه أصبح اليوم مهجورًا نسبيًا. تذكر أم فارس كيف كانت هذه الأسواق تمثل قلب الحياة اليومية للمجتمع، حيث كان يتجمع الناس للتجارة والتواصل، موضحة أنها شهدت تغيرات جذرية في الاقتصاد والعادات الاستهلاكية. في مقابلة مع قناة الإخبارية، شددت على أهمية هذه الأسواق في الحفاظ على التراث الثقافي، قائلة: “الأسواق في الماضي كانت ناشطة وتشجع على التواصل، أما الآن فهي لا تزال تعمل لكنها لم تعد كما كانت سابقًا”، مما يعكس شعورًا بالحنين إلى الأيام الذهبية.
تطور السوق الشعبي في أبها
تعود أم فارس إلى جذور مهنتها، حيث تركز على بضائع تقليدية مصنوعة يدويًا، مثل منتجات الخوص والتنانير التي تمثل جزءًا أساسيًا من تراث المنطقة. تقول إن هذه السلع ليست مجرد بضائع تجارية، بل هي رمز للإبداع المحلي والقيم الإيجابية، مؤكدة: “كل بضاعتنا أغلبها من الخوص والتنانير، وهي هواية وفيها خير وبركة”. هذا الوصف يبرز كيف كانت التجارة في السوق تعتمد على المواد الطبيعية والمهارات اليدوية، مما كان يعزز الاقتصاد المحلي ويحافظ على التقاليد. على مدى السنوات الثلاثين الماضية، لاحظت أم فارس تراجع الاهتمام بالأسواق التقليدية بسبب انتشار التسوق عبر الإنترنت والمتاجر الحديثة، مما أدى إلى انخفاض عدد الزبائن وزيادة الفراغ في أماكن كانت مزدحمة سابقًا. ومع ذلك، فإنها تؤكد أن هناك قيمة دائمة في هذه البضائع، حيث تجسد الروابط الاجتماعية والتاريخ الثقافي لعسير.
البضائع التقليدية في الأسواق
في استعراض لقطعها، تشرح أم فارس تفاصيل بعض السلع التي تبيعها، مثل “هذي حلية نسميها صيغة أيام زمان”، والتي تشير إلى إكسسوارات مبتكرة مستوحاة من العصور السابقة، مضيفة أن بعضها يأتي من فرنسا وكان يُستخدم تقليديًا للعرائس. تقول: “هذي من فرنسا، وكانوا يستخدمونها للعرايس، ما كنا نعرف الذهب وقتها”، مما يظهر كيف كانت المجتمعات تعتمد على مواد بديلة قبل انتشار المجوهرات الفاخرة. هذه القطع ليست فقط عناصر تجارية، بل هي حكايات حية تجسد التطور الاجتماعي والاقتصادي. على سبيل المثال، في السابق، كانت هذه البضائع تعكس احتياجات يومية بسيطة، مثل المنتجات المصنوعة من الخوص للاستخدام المنزلي، والتي كانت ترمز إلى البساطة والاعتماد على الموارد المحلية. اليوم، مع التغيرات في أنماط الحياة، أصبحت هذه العناصر جزءًا من التراث السياحي، حيث يأتي الزوار ليشاهدوا ويشتروا ما يمثل جزءًا من تاريخ عسير. أم فارس ترى أن هذا التراث يواجه تحديات من التنمية الحديثة، لكنه يظل مصدر إلهام للأجيال الجديدة. في الختام، تؤمن بأن العودة إلى دعم الأسواق التقليدية يمكن أن يعزز الاقتصاد المحلي ويحافظ على الهوية الثقافية، مشددة على ضرورة تشجيع الشباب للاستثمار في هذه المهن التقليدية لضمان استمراريتها. هكذا، تظل قصة أم فارس شهادة حية على كيف يمكن للتغيير أن يؤثر على الأماكن والأشخاص دون إفساد جوهرها. هذا التحول يدعو إلى التفكير في كيفية توازن بين التقدم و الحفاظ على الإرث، مما يجعل من السوق الشعبي في أبها نموذجًا للتطور الاجتماعي في المنطقة.

تعليقات