في ختام محاكمة مثيرة للجدل في فرنسا، أدينت الجزائرية ذهبية بن كريد بالسجن المؤبد لارتكابها جريمة مريعة شملت اغتصاب وتعذيب وقتل الطفلة لولا دافييه البالغة من العمر 12 عامًا. هذه الحادثة لم تكتفِ بإثارة الغضب الشعبي، بل أشعلت نقاشات واسعة حول قضايا الأمن العام وتدفقات الهجرة، حيث اعتبرت المحكمة أن هذه الجريمة تستحق أشد العقوبات المتاحة في التشريع الجنائي الفرنسي. بن كريد، التي تبلغ من العمر 27 عامًا، أصبحت بذلك أول امرأة في تاريخ فرنسا تحكم عليها بالسجن المؤبد لمثل هذه الانتهاكات الوحشية.
حكم السجن المؤبد في القضية
تعود جذور الجريمة إلى أكتوبر 2022، عندما قامت بن كريد باختطاف الطفلة من منطقة في باريس، ثم أجبرتها على الخضوع لاعتداءات جنسية مدمرة، قبل أن تنهي حياتها بطريقة بربرية تتضمن الاختناق والتشويه بمئات الجروح، كما أكد تقرير الطبيب الشرعي. كانت بن كريد، التي كانت تعمل في مجال الدعارة، قد وضعت جثة الضحية داخل حقيبة كبيرة وتنقلت بها عبر شوارع العاصمة الفرنسية، بل وفتحتها أمام الآخرين داخل حانة، كما ثبت من تسجيلات كاميرات المراقبة. هذه التفاصيل المروعة لم تكشف فقط عن عمق الشر في أفعالها، بل أبرزت الفجوات في نظم الأمن الداخلي.
من ناحية أخرى، كشفت التحقيقات أن بن كريد وصلت إلى فرنسا عام 2013 بتأشيرة طالب، لكنها تجاوزت مدة الإقامة المحددة، مما أدى إلى إصدار أمر طرد بحقها قبل شهرين فقط من وقوع الجريمة. هذا السياق أضاف طبقة إضافية من التعقيد للقضية، حيث ركزت وسائل الإعلام والرأي العام على دور هذه الانتهاكات الإدارية في تسهيل مثل هذه الحوادث. في السياق العائلي، لم يكن وقع الجريمة أقل قسوة، إذ توفي والد الطفلة لاحقًا جراء الحزن الشديد، بينما طالبت والدتها المحكمة بفرض أقصى العقوبات لضمان العدالة. وصف النائب العام الجريمة بأنها تمثل قمة الوحشية، حيث كانت تهدف إلى إلحاق أعلى درجات الألم الجسدي والنفسي بالضحية، مشددًا على أن بن كريد تمثل خطورة كبيرة على المجتمع، وأن الحكم الصادر يهدف أساسًا إلى حماية الجمهور من أمثالها.
تفاصيل العقوبة القصوى
يُعتبر هذا الحكم تاريخيًا في فرنسا، حيث يعكس التزام القضاء بفرض العقوبات الرادعة ضد الجرائم المناهضة للإنسانية، خاصة تلك التي تستهدف الأطفال. الجريمة لم تكن مجرد عمل فردي، بل جسدت مخاوف أوسع حول تأثير الهجرة غير المنظمة على السلامة الاجتماعية، مما دفع إلى مناقشات حادة في البرلمان الفرنسي حول تعديل قوانين الهجرة والأمن. بن كريد، التي كانت تعيش في ظل وضع غير قانوني، أظهرت كيف يمكن أن يؤدي عدم تنفيذ التشريعات إلى كارثة، حيث لم يتم تنفيذ أمر الطرد السابق. في هذا الصدد، أكد خبراء قانونيون أن مثل هذه الحالات تبرز الحاجة إلى تعزيز آليات الرصد والتطبيق لمنع التكرار.
من الجوانب النفسية للقضية، كشفت التحقيقات عن خلفية بن كريد التي تشمل صعوبات شخصية، لكن ذلك لم يخفف من خطورة أفعالها، حيث ركزت المحكمة على النوايا المتعمدة وراء الجريمة. الطفلة لولا، التي كانت في سن البراءة، تحولت إلى رمز للضعف أمام الشر، مما حرك مشاعر التعاطف عبر المجتمع الفرنسي. هذا الحكم ليس نهاية للقصة، بل بداية لنقاشات حول كيفية حماية الأطفال وتعزيز القوانين الجنائية لمواجهة الجرائم الجماعية. في النهاية، يبقى هذا الحدث تذكيرًا مؤلمًا بأن العدالة، مهما كانت شديدة، تبقى ضرورية للحفاظ على تماسك المجتمع وضمان حقوق الجميع.

تعليقات