UAE Marks 30 Years Free of Polio Cases

الإمارات العربية المتحدة.. ثلاثة عقود من القضاء على شلل الأطفال

بقلم: [اسم الكاتب أو المصدر، إذا كان مطلوبًا]

في عالم يواجه تحديات صحية متعددة، تقف الإمارات العربية المتحدة كمثال مشرف في مجال الصحة العامة. منذ ثلاثة عقود، لم تسجل الإمارات أي حالة إصابة بمرض شلل الأطفال، الذي يُعرف أيضًا باسم “الفيروس المسبب للشلل”، مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة في القضاء على هذا الوباء الذي أصاب ملايين الأطفال حول العالم. هذا الإنجاز ليس مجرد رقم إحصائي، بل هو قصة نجاح تدمج بين السياسات الوطنية المتقدمة، الجهود الدولية، والوعي المجتمعي، ويستحق الاحتفاء به كدليل على التزام الإمارات بالصحة والتنمية المستدامة.

ما هو شلل الأطفال ولماذا يُعتبر إنجازًا كبيرًا؟

شلل الأطفال هو مرض فيروسي يصيب أساسًا الأطفال دون سن الخامسة، ويمكن أن يؤدي إلى الشلل الدائم أو حتى الوفاة في حالات متقدمة. ينتقل الوباء عبر البراز أو الرذاذ، وكان يُعرف قديمًا بـ”الوباء الصيفي” بسبب تفشيه الموسمي. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، أدى هذا المرض إلى إعاقة ملايين الأشخاص عالميًا قبل حملات التلقيح العالمية. في الإمارات، تم تسجيل آخر حالة إصابة بـالمرض في عام 1992، ومنذ ذلك الحين، أعلنت الدولة نفسها كمنطقة خالية من شلل الأطفال، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية والصندوق الدولي للطفولة (يونيسف).

هذا الإنجاز يأتي في سياق حملات التحصين الشاملة التي بدأت الإمارات تنفيذها منذ الثمانينيات. فقد ركزت الحكومة على برامج التطعيم المنتظمة، حيث أصبحت اللقاحات ضد شلل الأطفال جزءًا أساسيًا من برنامج التلقيح الوطني. على سبيل المثال، يتلقى جميع الأطفال في الإمارات سلسلة من التطعيمات المجانية عبر المراكز الصحية، مما ضمن تغطية تتجاوز 95% من السكان. هذه الجهود لم تقتصر على المواطنين فحسب، بل شملت العمالة الأجنبية واللاجئين، مما يعكس التزام الدولة بالصحة العامة كحق إنساني.

كيف حققت الإمارات هذا الإنجاز؟

يسرد خبراء الصحة عوامل متعددة ساهمت في القضاء على شلل الأطفال في الإمارات. أولاً، الاستثمار الهائل في البنية التحتية الصحية، حيث تم إنشاء شبكة من المستشفيات والمراكز الطبية الحديثة التي تتيح الرصد المبكر لأي تفشي. بالإضافة إلى ذلك، لعبت التعاونات الدولية دورًا حاسمًا، إذ شاركت الإمارات في مبادرات مثل “القضاء العالمي على شلل الأطفال” التي تديرها منظمة الصحة العالمية. على سبيل المثال، ساهمت الإمارات بتبرعات مالية وخبرات طبية لدعم الدول المتضررة، مثل أفغانستان وباكستان، حيث يظل المرض منتشرًا.

من جانب آخر، أدى الوعي المجتمعي والتعليم الصحي دورًا كبيرًا. في الإمارات، تم تنفيذ حملات إعلامية واسعة لتشجيع الآباء على تلقيح أطفالهم، بالإضافة إلى برامج في المدارس والمساجد لنشر المعلومات. هذا النهج الشمولي ساهم في تقليل خطر الاستيراد للفيروس من خلال السفر الدولي، خاصة مع تطبيق الإجراءات الحدودية الصارمة.

الفوائد والدروس المستفادة

القضاء على شلل الأطفال في الإمارات لم يحقق فوزًا صحيًا فحسب، بل أدى إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام. الأطفال الآن ينمون في بيئة أكثر أمانًا، مما يسمح بتركيز الموارد على قضايا صحية أخرى مثل السمنة والصحة النفسية. كما أن هذا الإنجاز يعزز سمعة الإمارات كمركز إقليمي للابتكار الطبي، حيث أصبحت الدولة موطنًا لأبحاث دولية في مجال الأمراض المعدية.

على المستوى العالمي، يمكن للإمارات أن تكون مصدر إلهام للدول الأخرى. على سبيل المثال، بينما تواجه بعض البلدان في الشرق الأوسط والأفريقيا تحديات في مكافحة الوباء، فإن تجربة الإمارات تظهر أن التركيز على التطعيم والتعليم يمكن أن يحقق نتائج مذهلة. وفقًا لتقرير يونيسف، أدت الجهود العالمية إلى تقليل حالات الإصابة بـ99% منذ عام 1988، وهو ما يعزز أمل القضاء التام على المرض بحلول عام 2030.

خاتمة: استمرار الجهد نحو مستقبل أكثر أمانًا

مع مرور ثلاثة عقود على آخر حالة إصابة بـشلل الأطفال في الإمارات، يجب أن ننظر إلى هذا الإنجاز كبداية لا نهاية. في ظل التحديات الجديدة مثل تفشي فيروس كورونا، يظل الالتزام بالتحصين والوقاية أمرًا حيويًا. ندعو جميع الدول إلى التعلم من تجربة الإمارات، حيث إن القضاء على مثل هذه الأمراض ليس فقط مسؤولية حكومية، بل مسؤولية جماعية لضمان مستقبل صحي لأجيالنا القادمة. الإمارات ليست مجرد دولة قوية اقتصاديًا، بل هي قوة صحية عالمية، وهذا الإرث سيستمر في إلهام العالم.