مخاطر الحياة المرآة
في مختبر جامعة مينيسوتا، كانت العالمة كيت آدامالا تعمل على مشروع قد يغير فهمنا للحياة، لكنه أثبت أنه قد يهدد الوجود البشري. حصلت آدامالا وفريقها على منحة بقيمة 4 ملايين دولار عام 2019 لدراسة إنتاج خلية مرآة، حيث تكون مكوناتها الجزيئية معكوسة عن الخلايا الطبيعية. كان الهدف الأساسي فهم أصول الحياة وتطوير علاجات للأمراض مثل البكتيريا المقاومة، لكن الشك سرعان ما بدأ يظهر. وفقاً لآدامالا، تحولت الأسئلة حول إمكانية انتشار هذه الكائنات دون سيطرة إلى مخاوف كبيرة، محتملة أن تسبب كارثة بيئية أو صحية. ففي الطبيعة، تعتمد الحياة على الكيرالية، وهي الخصائص اليمينية أو اليسارية للجزيئات مثل الحمض النووي والبروتينات، مما يجعل تفاعل الخلايا المرآة غير متوقع وخطير. الآن، يحذر الخبراء من أن هذه الخلايا قد تتجنب المناعة البشرية وتنتشر، مما يجعلها تهديداً وجودياً.
الخطر الوجودي من الكائنات المعكوسة
رغم أن إنشاء خلية مرآة كاملة لم يتحقق بعد، إلا أن التقدم في علم الأحياء التركيبي يثير القلق. يرى ديفيد ريلمان من جامعة ستانفورد أن هناك احتمالاً لخلق كائن ينمو دون توقف ويزيح الحياة الطبيعية، بما في ذلك البشر والنباتات. وأوضح أن البكتيريا المرآة قد تكون غير قابلة للكشف من قبل أجهزة المناعة بسبب كيراليتها المعكوسة، وهي صفة تجعل معظم المضادات الحيوية غير فعالة. في تقرير من 300 صفحة نشرته مجلة Science في 2024، حذر فريق من 38 عالماً من عواقب إطلاق مثل هذه الكائنات، رغم إجراءات الاحتواء المطبقة. من ناحية أخرى، يرى مايكل كاي من جامعة يوتا أن الجزيئات المرآة الصغيرة مفيدة في تطوير الأدوية، لكن الخطر الحقيقي يكمن في الكائنات الكاملة التي قد تنافس الحياة الطبيعية على الموارد. لذا، أكد كاي على ضرورة تقييم المخاطر بدقة قبل التقدم، محافظاً على التوازن بين الابتكار والسلامة.
في المقابل، يركز بعض العلماء على الحياة التركيبية غير المرآة، حيث يسعون إلى بناء خلايا طبيعية الكيرالية من الصفر لفهم العمليات البيولوجية. قال جون غلاس من معهد J. Craig Venter إن إنشاء مثل هذه الخلايا قد يحدث قريباً، لكن رسم خطوط حمراء مثل تجنب صنع ريبوسوم مرآة أمر حاسم. في النهاية، قررت آدامالا التخلي عن بحثها، ووقع مئات الباحثين على بيان في 2025 يطالب بتجنب إنشاء الحياة المرآة إلا إذا ثبت عدم مخاطرها. هذا النهج يعكس التزاما بالمسؤولية العلمية، حيث أننا نواجه فرصة لتطوير التكنولوجيا بطريقة آمنة، مع التأكيد على أن الوقت لدينا يسمح بدراسة المخاطر بعناية.

تعليقات