إضراب الأطباء البريطانيين يهدد نظام الرعاية الصحية
في تصعيد للأزمة الصحية المستمرة في بريطانيا، أعلنت النقابة الطبية البريطانية عن إضراب شامل للأطباء المقيمين يبدأ في 14 نوفمبر ويستمر لخمسة أيام، مما قد يؤدي إلى شلل كبير في عمل المستشفيات. هذا الإضراب، الثالث عشر من نوعه منذ عام 2022، ينبع من فشل التفاوض مع الحكومة حول تحسين الأجور، حيث تطالب النقابة بزيادة قدرها 29.2% لمواجهة ما أسمته بـ”تآكل الرواتب” منذ عام 2008. الأطباء المقيمون، الذين يشكلون نصف قوة الأطباء في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، يواجهون تحديات في الرواتب التي تبدأ من 38,831 جنيهاً إسترلينياً في السنة الأولى وتصل إلى 70 ألف جنيه بعد ثماني سنوات. وفقاً للنقابة، فإن عرض الحكومة بزيادة 5.4% لا يلبي الاحتياجات، خاصة مع إشارة الدكتور جاك فليتشر إلى صعوبة الحصول على وظائف لنصف الأطباء في عامهم الثاني.
التحديات الاقتصادية للمهن الطبية
يعد هذا الإضراب خطوة درامية في مواجهة الاختلافات حول الأجور، حيث تعتمد النقابة على مؤشر أسعار التجزئة الذي يظهر انخفاضاً كبيراً في قيمة الرواتب منذ 2008، بينما تستند الحكومة إلى مؤشر أسعار المستهلك الذي يقيس الانخفاض بنسبة 5% فقط. من جانب آخر، انتقد وزير الصحة ويس ستريتينغ الإضراب، واصفاً إياه بـ”المبالغ فيه”، مؤكداً أن الحكومة قدمت بالفعل زيادة بنسبة 28.9% للأطباء المقيمين ولا تستطيع تقديم المزيد هذا العام. ومع ذلك، يثير هذا النزاع مخاوف حول تأثيره على تعافي الخدمات الصحية، حيث يؤثر على آلاف المرضى الذين يعتمدون على هذه الخدمات. استطلاع YouGov أظهر تحولاً في آراء الجمهور، إذ يعارض 48% من البريطانيين الإضراب مقابل دعم 39% فقط، وهو تغيير يعكس الضغوط المتزايدة على موارد الدولة. في السياق الأوسع، يبرز هذا الإضراب قضايا أعمق مثل ضعف التمويل لقطاع الرعاية الصحية، حيث يؤدي إلى نقص في الكوادر الطبية وضغوط مالية على الأطباء، مما يهدد بتفاقم الأزمة إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع. بالإضافة إلى ذلك، يتزامن الإضراب مع تحديات اقتصادية أخرى في بريطانيا، مثل ارتفاع التكاليف الحياتية، الذي يجعل من الصعب على الأطباء الشباب الاستمرار في وظائفهم دون دعم أفضل، مما قد يؤدي إلى هجرة المواهب الطبية إلى بلدان أخرى. في النهاية، يتطلب الأمر جهوداً مشتركة من الحكومة والنقابات لتجنب تأثيرات طويلة الأمد على صحة المواطنين، مع التركيز على استراتيجيات مستدامة لتحسين ظروف العاملين في المجال الصحي، وهو ما يمكن أن يعزز الثقة العامة ويقلل من الإضرابات المستقبلية.

تعليقات