فيديو.. الأمير سيف الإسلام يعلق على ازدحام المدن ويصف الرياض كمدينة شابة خالية من الازدحام سابقًا

في ظل التحولات السريعة التي تشهدها المدن حول العالم، يبرز موضوع الازدحام كواحد من أكبر التحديات اليومية لسكانها. خلال مقابلة مع الأمير الأديب الدكتور سيف الإسلام بن سعود في برنامج بودكاست “العلم”، تناول هذا الموضوع بطريقة عميقة، مستندًا إلى تجاربه وكتاباته السابقة. أكد الأمير أنه كتب منذ نحو 20 عامًا عن هذه القضية في مقالاته مثل “مدن تئن”، محاولًا التنبؤ بتفاقم الازدحام وتأثيره السلبي على حياة الأفراد. كانت هذه الكتابات تعكس رؤية مبكرة لما أصبح الآن واقعًا يوميًا، حيث يشعر الناس بالضغط في كل مكان، من المستشفيات المزدحمة إلى الأسواق والمدارس، مما يثير تساؤلات حول كيفية توفير مساحات للراحة والاسترخاء.

تحدي الازدحام في المدن المعاصرة

يعد الازدحام في المدن مشكلة مركبة تجمع بين العوامل الاقتصادية، الاجتماعية، والتخطيطية، كما أوضح الأمير سيف الإسلام في حواره. فقد وصف كيف أن هذا الازدحام لم يكن مجرد مشكلة مرورية، بل تمدد ليشمل كل جوانب الحياة اليومية. في مقالاته القديمة، حاول الأمير إبراز كيف يؤثر الازدحام على صحة الأفراد النفسية والجسدية، مما يجعل من الصعب عليهم العثور على لحظات هادئة للتنفس والتأمل. على سبيل المثال، تحدث عن السيناريوهات في المحاكم والدوائر الرسمية، حيث يتراكم الضغط ويزيد من إحساس الإنسان بالاغتراب. هذا التحليل لم يكن مجرد نقد، بل دعوة لإعادة التفكير في تصميم المدن لتكون أكثر إنسانية، مع التركيز على جعلها مكانًا يدعم الرفاهية البشرية بدلاً من تعزيز السرعة والكفاءة فقط. كما أشار إلى أهمية أنسنة المدن، وهو مفهوم يعني دمج العناصر الطبيعية والثقافية لتهدئة الروتين اليومي، مما يساعد في مواجهة صخب الحياة المدنية.

التكدس العمراني

التكدس العمراني، كمرادف للازدحام، يمثل تحديًا كبيرًا خاصة في المدن الناشئة مثل الرياض، كما وصفها الأمير سيف الإسلام. في هذا السياق، استعاد ذكرياته عن الرياض في الماضي، حين كانت مدينة شابة ورشيقة، مليئة بالجمال الطبيعي دون الاكتناز الذي يعيق الحركة. قال إن الرياض، في نظره، كانت رمزًا للتوازن، حيث تضم شعرًا رائعًا على كتفيها، مما يعكس جمالها الطبيعي قبل أن يسيطر عليها الازدحام. ومع ذلك، رفض الأمير فكرة أن تكون المدن دائمًا في حالة يقظة، مؤكدًا أنه يفضل المدينة التي تنام وتستيقظ بشكل طبيعي، لأن هذا يمنح السكان فرصة للراحة والتجدد. هذا الرأي يدفعنا للتفكير في كيفية إعادة تشكيل البنية التحتية للمدن لتكون أكثر استدامة، مثل زيادة المساحات الخضراء والحدائق العامة، أو تحسين النقل العام لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة. في الواقع، يمكن أن يؤدي التكدس العمراني إلى مشكلات صحية واسعة النطاق، مثل زيادة التلوث وانتشار الأمراض، كما يؤثر على الإبداع الفني والثقافي للمجتمعات. لذا، يجب على المخططين والقادة النظر في نماذج حديثة مثل مدن أوروبية ناجحة في التعامل مع الازدحام، من خلال تشجيع العيش المستدام والتنويع في استخدام المساحات.

في تتمة هذا المناقشة، يظل تأكيد الأمير سيف الإسلام على أهمية التنبؤ المبكر بقضايا مثل الازدحام دليلاً على الحاجة للاستثمار في البحوث الاجتماعية والعمرانية. فمن خلال مقالاته القديمة، قدم رؤية واضحة لكيف يمكن أن يتطور الازدحام من مشكلة محلية إلى أزمة عالمية، مشددًا على دور المثقفين في توجيه السياسات. على سبيل المثال، اقترح في حديثه أن المدن الحديثة تحتاج إلى استراتيجيات لخلق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على جودة الحياة، مثل تطبيق تقنيات ذكاء اصطناعي لإدارة حركة المرور أو بناء مجتمعات مشاة تشجع على المشي والدراجات. كما أن هذا المنظور يفتح الباب لمناقشات أوسع حول كيفية جعل المدن مكانًا للإبداع والاستراحة، لا مجرد أماكن للعمل والتنقل. في النهاية، يذكرنا هذا الحوار بأن حلول الازدحام ليست مجرد مشاريع بنائية، بل هي استثمارات في السعادة البشرية، حيث يمكن لكل فرد أن يجد مكانًا ليستريح ويعيد شحن طاقته في عالم يتحرك بسرعة متزايدة. بشكل أكبر، يدعونا هذا التفكير إلى التأمل في كيفية بناء مستقبل يجمع بين التقدم والراحة، مما يضمن أن تظل المدن أماكن حيوية وصحية لجميع سكانها.