قال نواف سعد العطار إن العود ليس جزءًا أصيلًا من الثقافة السعودية، بل دخيل عليها، موضحًا أنه لم ير في حياته شجرة عود واحدة في المملكة. خلال حديثه في بودكاست “عطر”، أكد أن هذا العنصر، الذي يُعتبر رمزًا للفخامة في الكثير من الأوساط، لا يمتلك أي جذور تاريخية في المجتمع السعودي. وفي سياق نقده، سأل عن السبب وراء ربط العود بالعطور الفاخرة، معتبرًا أن هذا الارتباط حدث بشكل مفاجئ قبل حوالي 200 عام، دون أي أساس تاريخي واضح. كما عبر عن دهشته من جعل العود عنصرًا أساسيًا في صناعة الروائح الراقية، معتبرًا أن هذا يمثل نوعًا من الإفراط في الرمزية الثقافية.
العود وثقافة المجتمع السعودي
في حديثه المفصل، شدد نواف سعد على أن العود لم يكن جزءًا من التراث المحلي، بل تم استيراده وفرضه كرمز للترف في مراحل لاحقة من التاريخ. هو يرى أن هذا الارتباط غير مبرر، حيث يفتقر إلى أي أدلة تاريخية تدعم وجوده في المنطقة. على سبيل المثال، قال إنه يتساءل كيف أصبح العود ضرورة في عالم العطور الفاخرة، رغم عدم تواجده الطبيعي في البيئة السعودية. هذا الرأي يثير نقاشًا حول كيفية تشكل الرموز الثقافية، وكيف يمكن أن يتحول شيء دخيل إلى عنصر أساسي في الثقافة المعاصرة. في الواقع، يقترح نواف أن هناك حاجة لإعادة تقييم كيفية تكوين هويتنا الثقافية بناءً على الجذور الحقيقية، لا على الاتجاهات الخارجية التي تفرض نفسها مع الزمن.
الروائح الفاخرة كبديل
من ناحية أخرى، يمكن اعتبار الروائح الفاخرة كمرادف للعناصر التي يتم ربطها بالفخامة، لكن نواف سعد يدعو إلى استكشاف بدائل أكثر أصالة. في رأيه، الاعتماد على العود كعنصر رئيسي يعكس تأثيرًا خارجيًا، ربما من خلال التجارة التاريخية أو التغيرات الاجتماعية، وهو ما يجعله يسأل: “لماذا يجب أن يكون العطر الرسمي مرتبطًا دائمًا بالعود؟” هذا السؤال يفتح الباب لمناقشة أوسع حول كيفية بناء هوية العطور في المنطقة. على سبيل المثال، يمكن للثقافة السعودية الاستفادة من روائح أخرى مستمدة من الطبيعة المحلية، مثل الزهور البرية أو التوابل الوطنية، التي تكون أقرب إلى الجذور التقليدية. في هذا السياق، يستمر نواف في التأكيد على أهمية الفصل بين الرموز الدخيلة والعناصر الأصيلة، مشيرًا إلى أن هذا الارتباط بالفخامة قد يكون نتيجة تسويقية أكثر من كونه ثقافيًا.
تتمة هذا الموضوع تكمن في فحص التأثيرات التاريخية التي ساهمت في انتشار العود كرمز. على مدار القرون، شهد العالم تبادلًا للسلع والثقافات من خلال طرق التجارة مثل طريق الحرير، حيث انتشرت الروائح والأعشاب العطرية بين الشعوب. في حالة السعودية، كان التركيز التقليدي أكثر على العناصر المحلية مثل البخور والزهور، التي كانت جزءًا من الطقوس اليومية والاحتفالات. ومع ذلك، مع التقدم الحديث، أصبح العود رمزًا للرقي، ربما بسبب تأثيرات الإمبراطوريات السابقة أو التغيرات الاقتصادية. نواف سعد يرى أن هذه التحولات تجعلنا ننسى جذورنا، ويدعو إلى إعادة النظر في كيفية دمج مثل هذه العناصر في حياتنا دون فقدان الهوية.
في الختام، يطرح نواف سعد تساؤلات عميقة حول كيف أصبح العود جزءًا لا يتجزأ من العطور الفاخرة، رغم عدم وجوده في التراث المحلي. هو يؤكد أن هذا الارتباط يحتاج إلى تحليل أعمق، خاصة في مجتمع يسعى للحفاظ على أصالته. من المهم أن ندرك أن الفخامة لا تعني دائمًا الاقتباس من الخارج، بل يمكنها أن تنبع من الإرث الخاص بنا. هذا الرأي يشجع على مناقشات أكبر حول الثقافة والتأثيرات الخارجية، مما يساعد في بناء هوية أكثر توازنًا. في النهاية، يظل السؤال معلقًا: هل يمكننا فصل العود عن الرمزية التي أحاطت به، أم أنه أصبح جزءًا لا مفر منه من عالمنا المعاصر؟ هذا الاستكشاف يفتح أبوابًا للتعمق في كيفية تشكيل التقاليد الحديثة.

تعليقات