صالح الفوزان: من يكون المفتي الجديد للسعودية؟

أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، العاهل السعودي، أمراً ملكياً الأربعاء بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة، وذلك بعد وفاة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي شغل المنصب لعشرين عاماً. يأتي هذا التعيين بناءً على اقتراح من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويمنح الفوزان أيضاً رئاسة هيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، مع مرتبة وزير. يُعد الفوزان الرابع في سلسلة المفتين العامين في تاريخ المملكة، بعد كل من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ. وُلد الفوزان في عام 1935م في منطقة القصيم، وتتراكم خبرته من خلال دراساته وتدريسه، مما يجعله شخصية بارزة في المجال الديني.

تعيين المفتي الجديد

يُشكل تعيين الشيخ صالح الفوزان خطوة مهمة في تعزيز الجهود الدينية في السعودية، حيث يرتبط المنصب بالقيادة في الشؤون الشرعية. يأتي هذا القرار في سياق مواصلة التقاليد الملكية في تعيين كبار العلماء لدعم الاستقرار الاجتماعي والثقافي، مع التركيز على أهمية الفتوى في حماية القيم الإسلامية. الفوزان، الذي يمتلك سيرة طويلة في التدريس والإفتاء، يحمل خبرة واسعة تجعله مؤهلاً للقيادة في هذه المسؤوليات، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمع السعودي.

الانتداب الرسمي

يعكس الانتداب الرسمي للفوزان استمرارية الجهود في تعزيز دور كبار العلماء في السعودية، حيث يشمل المنصب الإشراف على البحوث الدينية والفتاوى الشرعية. تلقى الفوزان تعليمه من عدة علماء بارزين، مثل الشيخ عبد العزيز بن باز، مما ساهم في تشكيل فكره العلمي. بدأ تعليمه في مدارس القصيم، حيث أكمل الدراسة الابتدائية في مدرسة الفيصلية ببريدة، ثم تخرج من المعهد العلمي هناك. انتقل بعدها إلى الرياض للدراسة في كلية الشريعة، حيث حصل على البكالوريوس عام 1961م، تليها درجة الماجستير في علم المواريث برسالة عن “التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية”، وأخيراً الدكتوراه في الفقه مع أطروحة عن “أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية”.

في مسيرته المهنية، بدأ الفوزان كمدرس في المعهد العلمي بالرياض، ثم انتقل للتدريس في كلية الشريعة وقسم الدراسات العليا بكلية أصول الدين، بالإضافة إلى عمله كمدير للمعهد العالي للقضاء. أشرف على العديد من الرسائل العلمية للدرجات العليا، وشارك في لجان مهمة مثل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهيئة كبار العلماء، والمجمع الفقهي بمكة. كما عمل إماما وخطيبا في جامع الأمير متعب بن عبد العزيز، مما عزز حضوره في المجتمع. نشر العديد من البحوث والفتاوى في المجلات العلمية، وأسس جيلاً من طلبة العلم من خلال دروسه المستمرة.

أما علاقة الفوزان بالشيخ ابن باز، فكانت عميقة، إذ تلقى على يديه دروساً في علم المواريث أثناء دراسته في كلية الشريعة. حضر محاضرات ابن باز وبرامجه الإذاعية، واستفاد منه في مجال الفتوى، حيث أكد على أهمية الاعتماد على أدلة الكتاب والسنة. هذه العلاقة ساهمت في تشكيل نهجه في العمل الشرعي.

أما أهمية منصب المفتي، فيعد الأعلى في الهيكل الديني والقضائي السعودي، حيث يتم تعيينه بقرار ملكي كما حدث في عام 1953 مع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ. غالباً ما يشغله أفراد أسرة آل الشيخ، مع استثناءات مثل ابن باز عام 1993. المنصب شهد فترات شاغرة، كتلك بين 1969 و1994، لكنه عاد مع تعيين ابن باز في عهد الملك فهد. يركز المفتي على توجيه الفتاوى وقيادة هيئة كبار العلماء، مما يدعم الاستقرار الاجتماعي والثقافي في المملكة. يستمر هذا الدور في تعزيز القضايا الدينية في ظل التطورات الحديثة.