في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة الشرق الأوسط تطورات درامية تتعلق بسياسات إسرائيل تجاه غزة، حيث أكد الخبير العسكري والاستراتيجي نصال أبو زيد أن الإدارة الأمريكية قامت بجهود مكثفة للتدخل في شؤون حكومة بنيامين نتنياهو. هذا التدخل جاء رغم التحديات الداخلية في الولايات المتحدة، مثل الإغلاق الحكومي والانتخابات النصفية، مما يشير إلى أن واشنطن ركزت كل ثقلها السياسي والعسكري لمساعدة نتنياهو على إعادة ترتيب أولوياته وسط أزمة سياسية داخلية. أبو زيد أشار إلى أن هذا الدفع الأمريكي كان بقيادة نائب الرئيس وكبار الضباط العسكريين، مثل الأدميرال براد كوبر، لمساعدة إسرائيل في التغلب على الفشل الذي لاحقه في استراتيجياته تجاه غزة.
فشل مخطط لبننة غزة كما يحلل أبو زيد
يبرز في تحليل أبو زيد أن مخطط “لبننة غزة”، الذي كان يهدف إلى إحداث فوضى وتمزيق السلطة في القطاع من خلال دعم ميليشيات موالية للاحتلال، قد انهار تمامًا. هذا الفشل لم يكن مصادفة، بل نتج عن قدرة المقاومة في غزة على إعادة تنظيم نفسها إداريًا وأمنيًا، مما منع خلق الفراغ الأمني الذي كان متوقعًا. بذلك، أصبح واضحًا أن نتنياهو كان يعتمد على هذا المخطط لإنهاء وجود المقاومة بشكل دائم بعد أي اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنه واجه صدمة حقيقية عندما رأى أن هذه القوى قادرة على التكيف والاستمرار. هذا الانهيار دفع الحكومة الإسرائيلية نحو البحث عن بدائل، مع الاعتماد الواضح على الدعم الأمريكي لإدارة الملف.
بالإضافة إلى ذلك، فشلت فكرة حرب الوكلاء التي اعتمدت على دعم ميليشيات غير رسمية، حيث لم تنجح في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. هذا الفشل المتعدد أجبر نتنياهو على التوجه نحو مرحلة جديدة من المفاوضات، وهي الخطوة الثانية في عملية وقف إطلاق النار، التي يبدو أنها الخيار الأكثر جذرية الآن. يرى أبو زيد أن هذه التغييرات تعكس ضعف الموقف الإسرائيلي، خاصة مع استمرار المقاومة في تعزيز وجودها، مما يضع حكومة نتنياهو أمام تحديات كبيرة في إدارة الوضع على الأرض.
إخفاق استراتيجية الاحتلال في إعادة تشكيل غزة
في خضم هذه الأحداث، يمكن القول إن إخفاق استراتيجية الاحتلال في غزة يؤشر إلى تغيير جذري في التوازنات الإقليمية. كان نتنياهو يأمل في أن يؤدي تفكيك الهيكل الأمني في غزة إلى تعزيز سيطرة إسرائيل، لكن الواقع أظهر عكس ذلك، حيث أصبحت المقاومة أكثر قوة وتنظيمًا. هذا الإخفاق ليس مجرد خسارة عسكرية، بل يمتد إلى الجوانب السياسية والاقتصادية، حيث أصبح من الصعب على إسرائيل الاستمرار في سياساتها السابقة دون دعم خارجي. الإدارة الأمريكية، من خلال زياراتها وتدخلاتها، تحاول الآن رسم خريطة طريق جديدة، ربما من خلال مفاوضات أكثر شمولاً، لكن هذا يثير تساؤلات حول مدى فعاليتها في مواجهة الواقع على الأرض.
مع ذلك، يبقى السؤال الأكبر حول ما يمكن أن يؤدي إليه هذا التحول. أبو زيد يؤكد أن الدعم الأمريكي، على الرغم من قوته، قد يواجه تحديات في تغيير الواقع، خاصة مع استمرار المقاومة في بناء قوتها من خلال إدارة شؤونها الداخلية بفعالية. هذا الفشل يعكس أيضًا تداعيات أوسع على المنطقة، حيث قد يؤدي إلى زيادة التوترات وإعادة ترتيب العلاقات بين القوى الإقليمية. على سبيل المثال، قد يدفع هذا الانهيار إسرائيل نحو تبني نهج أكثر دبلوماسية، لكن الشكوك تظل حول نجاح ذلك في ظل الرفض الشعبي والمقاومة المستمرة. في نهاية المطاف، يبدو أن السياسات الإسرائيلية تحتاج إلى إعادة تقييم شامل، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من هذه التجربة الفاشلة، لتجنب المزيد من الانتكاسات في المستقبل. هذا التحليل يبرز أهمية فهم الديناميكيات المعقدة في الشرق الأوسط، حيث يلتقي الصراع العسكري مع التحديات السياسية والاجتماعية في تشكيل المستقبل.

تعليقات