Collaboration Between UAE National Anti-Money Laundering Secretariat and University of Birmingham in Dubai

تعاون بين أمانة الوطنية لمواجهة غسل الأموال وجامعة برمنجهام بدبي

مقدمة

في عصرنا الحالي، حيث أصبحت الجرائم المالية مثل غسل الأموال تهديداً دولياً يهدد الاقتصادات والأمن المالي، تعمل الدول على تعزيز الشراكات الاستراتيجية لمواجهة هذه التحديات. في الإمارات العربية المتحدة، تعد “أمانة الوطنية لمواجهة غسل الأموال” الجهاز الرئيسي المسؤول عن تنسيق الجهود الوطنية في هذا المجال، وهو جزء من التزام البلاد بالالتزامات الدولية مثل تلك المتعلقة بمجموعة العمل المالي (FATF). في الفترة الأخيرة، أعلنت الأمانة عن تعاون مهم مع جامعة برمنجهام بدبي، وهي مؤسسة تعليمية عالمية تقدم برامجها في قلب الإمارات. يهدف هذا التعاون إلى دمج الخبرة الأكاديمية مع الجهود العملية في مكافحة غسل الأموال، مما يعزز القدرات الوطنية ويسهم في بناء جيل من المتخصصين الماهرين. في هذه المقالة، نستعرض تفاصيل هذا التعاون وأهميته.

من هم الطرفان وأهمية التعاون؟

أمانة الوطنية لمواجهة غسل الأموال

أمانة الوطنية لمواجهة غسل الأموال هي هيئة حكومية اتحادية في الإمارات العربية المتحدة، تأسست لتنسيق الجهود بين الجهات المعنية لمكافحة غسل الأموال والتمويل غير المشروع. تعمل الأمانة تحت إشراف مجلس الوزراء وتتعاون مع الجهات التنظيمية المحلية والدولية لتنفيذ القوانين والسياسات المتعلقة بالجرائم المالية. بفضل دورها، حققت الإمارات تقدماً ملحوظاً في تقييمات المجموعة المالية الدولية، مما يعكس التزامها بالشفافية والأمن المالي. على سبيل المثال، أدت الجهود الوطنية إلى اكتشاف آلاف الحالات المتعلقة بغسل الأموال في السنوات الأخيرة.

جامعة برمنجهام بدبي

جامعة برمنجهام، وهي واحدة من أعرق الجامعات البريطانية التي تأسست في عام 1900، أنشأت فرعاً في دبي ضمن جهود الإمارات لجذب التعليم العالمي. يقدم الفرع برامج دراسية متقدمة في مجالات مثل العلوم الاجتماعية، القانون، الأعمال، والتكنولوجيا، مع التركيز على الابتكار والتطبيق العملي. في دبي، تعمل الجامعة كمركز للتعلم العالمي، حيث يتفاعل الطلاب والأكاديميون مع التحديات الإقليمية، بما في ذلك القضايا المالية والأمنية. تتميز الجامعة بخبرتها في البحوث المتخصصة، مثل دراسة الجرائم الرقمية ومكافحة الابتزاز المالي.

يأتي هذا التعاون كرد فعل للحاجة المتزايدة إلى دمج العلم الأكاديمي مع التنفيذ العملي. في عالم يشهد تطوراً سريعاً في تقنيات غسل الأموال عبر العملات الرقمية والتجارة الإلكترونية، يساعد هذا الشراكة في تطوير استراتيجيات مبتكرة. كما أن التعاون يعزز من سمعة الإمارات كمركز عالمي للتعاون بين القطاعين العام والأكاديمي.

تفاصيل التعاون وبرامجه

أعلن التعاون رسمياً في عام 2023 من خلال اتفاقية توقيع بين الطرفين، ويشمل عدة جوانب رئيسية:

  • برامج التدريب والتعليم: سيتم تطوير دورات تدريبية مشتركة لموظفي أمانة الوطنية، بالإضافة إلى طلاب الجامعة. على سبيل المثال، ستشمل البرامج دراسة آليات الكشف عن غسل الأموال باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تقدم الجامعة خبرتها في التكنولوجيا، بينما تقدم الأمانة دراسات حالة حقيقية من الواقع الإماراتي. هذا يساهم في تدريب الجيل القادم من المتخصصين.

  • البحث العلمي المشترك: الطرفان يعملان على إنشاء مشاريع بحثية حول موضوعات مثل “تأثير التطورات الرقمية على غسل الأموال” و”استراتيجيات الوقاية في الاقتصاد الرقمي”. سيتم نشر نتائج هذه البحوث في مؤتمرات دولية، مما يعزز من المعرفة العالمية في هذا المجال.

  • ورش العمل والفعاليات: من المخطط إقامة ورش عمل دورية في دبي، حيث يشارك خبراء من كلا الطرفين. على سبيل المثال، عقدت ورشة أولية في أوائل 2024 لمناقشة تحديات مكافحة غسل الأموال في الشرق الأوسط، مع حضور ممثلين عن الجهات التنظيمية.

  • التعاون الدولي: يمتد التعاون ليشمل الشراكات مع مؤسسات أخرى، مثل الجامعات البريطانية أو المنظمات الدولية، لتبادل المعرفة والأفضل المهني.

من بين الفوائد الرئيسية، يساعد هذا التعاون في تعزيز القدرات البشرية لأمانة الوطنية، حيث يمكن للجامعة تقديم أدوات تحليلية حديثة، بينما يوفر الجهاز الحكومي بيئة عملية لتطبيق النظريات. كما أن الجامعة تستفيد من الوصول إلى بيانات حقيقية، مما يعزز جودة برامجها التعليمية.

تحديات وفوائد مستقبلية

رغم أهمية هذا التعاون، يواجه بعض التحديات مثل الحفاظ على سرية المعلومات الحساسة والتكيف مع التغييرات التشريعية السريعة. ومع ذلك، فإن الفوائد تتجاوز ذلك، حيث يساهم التعاون في تعزيز الاقتصاد الإماراتي ككل. على سبيل المثال، من خلال تقليل مخاطر غسل الأموال، يحافظ على سمعة دبي كمركز مالي عالمي، مما يجذب المزيد من الاستثمارات.

في الختام، يُعد تعاون أمانة الوطنية لمواجهة غسل الأموال وجامعة برمنجهام بدبي نموذجاً مشرفاً للشراكات بين القطاعين العام والأكاديمي. هذا التعاون لن يقتصر على تعزيز الجهود الوطنية فحسب، بل سيساهم في تشكيل استراتيجيات عالمية لمكافحة الجرائم المالية. مع استمرار تنفيذ البرامج المشتركة، من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى مجتمع أكثر أماناً اقتصادياً، مما يعكس التزام الإمارات بالابتكار والتعاون الدولي.