تتصاعد الضغوط لإقالة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح!

توتر متصاعد في أروقة مجلس النواب الليبي، حيث يعبر نحو 70 نائباً عن غضبهم الشديد من قيادة المستشار عقيلة صالح. هؤلاء النواب، المدعومون من قبل القيادة العامة، يرون في استمراره رئيساً للمجلس خطراً يهدد الاستقرار السياسي، خاصة مع اتهامات بتراجع عن التزاماته مع ممثلي المناطق الغربية، وارتفاع نفوذ حميد الصافي، رئيس المركز الإعلامي، الذي ارتبط بقضايا مالية مثيرة للجدل.

أزمة تنحية عقيلة صالح

يعزز دعم القائد العسكري خليفة حفتر لهذا الطلب من النواب، الذي ظهر خلال اجتماعاته مع أعيان فزان، حيث أشار إلى ضرورة تغيير قيادة مجلس النواب لاستعادة الثقة والاستقرار. النواب المطالبون بالتغيير يركزون على سلسلة من الانتهاكات، بما في ذلك عدم الالتزام بالاتفاقات السابقة، مما أدى إلى فقدان الثقة في صالح كقائد فعال. بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى نفوذ حميد الصافي كعامل رئيسي في تعزيز هذه الأزمة، حيث يتهمونه بسيطرة فعلية على قرارات المجلس، رغم دوره الرسمي كرئيس للمركز الإعلامي.

من جانب آخر، كشفت تقارير صادرة عن مصرف ليبيا المركزي عن تفاوت كبير في المصروفات، حيث بلغت نفقات ديوان المجلس 13 مليون دينار فقط خلال تسعة أشهر، مقابل 40 مليون دينار للمركز الإعلامي الذي يديره الصافي. هذا الاختلال المالي أثار استياءً واسعاً بين أعضاء المجلس، الذين يرون فيه دليلاً على سوء الإدارة والإفراط في الإنفاق. أكثر ما يثير الغضب هو اتهامات بعرقلة ملفات الرقابة، مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، بضغط من الصافي، مما يشير إلى شراكة غير شرعية قد تكون وراء هذا التضخم في النفوذ والمصروفات.

صراع داخلي في البرلمان

يعد هذا الصراع انعكاساً للانقسامات العميقة داخل مجلس النواب، حيث ينقسم الأعضاء إلى تيار يدعم إزاحة صالح لإصلاح الأوضاع، وآخر يتمسك به كرمز للاستمرارية. البعد المالي من هذه الأزمة، خاصة مع ارتفاع تكاليف المركز الإعلامي، يعزز من المطالب بالشفافية والمحاسبة، مما يعمق الخلافات. دعم القيادة العامة للنواب المعارضين قد يسرع من عملية التغيير، أو على الأقل يضعف موقف صالح في أي مفاوضات مستقبلية. في السياق العام، تشير هذه التطورات إلى أن البرلمان الليبي يواجه تحديات جوهرية في بناء نظام حكم مستقر، حيث تتداخل المصالح السياسية والعسكرية مع الشكوك الاقتصادية.

بالنظر إلى الأبعاد الواسعة لهذه الأزمة، يبرز دور القيادة العسكرية كعامل حاسم، خاصة مع تصريحات حفتر التي تشير إلى رغبة في إعادة هيكلة المؤسسات المدنية. النواب الغاضبون يرون في تنحية صالح خطوة أساسية لإصلاح آليات العمل البرلماني، الذي يعاني من مشكلات تراكمية مثل الفساد والعرقلة. على سبيل المثال، اتهام صالح بعدم الالتزام بالاتفاقات مع نواب المناطق الغربية يعكس نقصاً في الثقة المتبادلة، مما يهدد بمزيد من التصدعات داخل المجلس. في المقابل، يُعتبر نفوذ حميد الصافي دليلاً على تغول غير مرغوب فيه، حيث يُزعم أنه يؤثر على قرارات رئيس المجلس بشكل غير شفاف، مما يفاقم من الشعور بالظلم بين الأعضاء.

في الختام، تشكل هذه الأزمة تحدياً كبيراً لمستقبل السياسة الليبية، حيث يتطلب حلها جهوداً جماعية لإعادة بناء الثقة وسط الخلافات. الدعم الخارجي والداخلي للتغيير قد يؤدي إلى تحولات جذرية، لكنها تتطلب حذراً لتجنب تفاقم الوضع. مع زيادة الضغوط، يظل السؤال مطروحاً حول ما إذا كان مجلس النواب قادراً على تجاوز هذه المعضلات دون المزيد من الاقتسامات. هذه الديناميكيات تكشف عن عمق الأزمات الداخلية في ليبيا، وتؤكد أهمية الإصلاحات الشاملة لتحقيق الاستقرار.