سعوا للتميز حتى في قمم الجبال.. جبل الجذم يُلهم السعودية!

ليس من الضرورة أن يعتمد الإنسان على الإمكانيات الوفيرة في المدن الكبرى ليحقق التميز والإبداع، فالنجاح غالباً ما ينبعث من قلب التحديات والظروف القاسية. الإصرار والعزيمة هما السلاح الأقوى لتجاوز العقبات، حيث يحول المتميزون الحقيقيون من الصعوبات إلى فرص، ومن الشدائد إلى جسور نحو الأهداف العظيمة. هذا الروح يجسد قصة إلهامية لطلاب ومعلمين في مدرسة بعيدة في جنوب المملكة، حيث يثبتون أن الطموح الحقيقي يتغلب على أي تحدٍ.

التميز في مدارس جازان

في قلب جبال جازان، تقع مدرسة الزبير بن العوام الابتدائية والمتوسطة في جبل الجذم، وهي تبعد خمسة كيلومترات فقط عن الحدود الجنوبية، مما يجعلها النقطة الأخيرة للخدمات التعليمية في المنطقة. الوصول إليها يتطلب اجتياز طرق وعرة وصعبة، لكن هذه التحديات لم تمنع المدرسة من تحقيق التميز لعامين متتاليين، في عامي 2024 و2025. هذا الإنجاز يعكس قصة نجاح باهرة، حيث يواجه الطلاب يومياً ظروفاً قاسية مثل الطبيعة الجبلية الشرسة ومشقات الحياة اليومية، لكنهم يحولون ذلك إلى دافع للعطاء. زيارة وزير التعليم إلى المدرسة مؤخراً، كأول وزير يصل إلى هذا الموقع النائي بعد قطع جزء من الطريق مشياً، كانت تعبيراً عن الاعتراف بهذا الجهد الاستثنائي. السبب الرئيسي لهذه الزيارة هو الإشادة بقدرة المدرسة على تحقيق التميز رغم الظروف، مما يعزز من معنويات المعلمين والمشرفين لمواصلة البحث عن إنجازات نوعية في المناطق النائية.

التفوق رغم التحديات

يمتد هذا التفوق إلى مستوى منطقة جازان بأكملها، التي تمثل نموذجاً للعطاء التعليمي في المملكة. فإدارة التعليم في جازان حققت المركز الأول على مستوى الوطن في عدد المدارس المتميزة، إذ بلغت 82 مدرسة متميزة من إجمالي 422 مدرسة في المملكة، بمعدل يصل إلى 19.4% من المدارس الحكومية المتميزة، و10.8% من إجمالي مدارس التميز. هذه الإنجازات تؤكد أن التميز ليس مقتصراً على المدن الكبرى أو المناطق ذات الإمكانيات المتقدمة، بل يمكن أن ينبثق من أبعد المناطق، حيث يتغلب الأفراد على التحديات الجغرافية والاقتصادية. في جبل الجذم، يسير الطلاب كل صباح عبر الطرق الوعرة، مليئين بالحماس، لأنهم يدركون أن كل خطوة تقربهم من مستقبل مشرق يعكس قمة جبلهم الأسطوري. هؤلاء الطلاب يتشربون روح التحدي، مما يشعل فيهم نار الطموح، ويجعلهم يبنون مستقبلاً يتجاوز حدود واقعهم. إن قصة هذه المدرسة تجسد كيف يمكن للإصرار أن يحول البيئة القاسية إلى منصة للإبداع، مما يلهم الجميع بأن التميز حقيقة يمكن تحقيقها في أي مكان، طالما وجدت الإرادة والعزم. بشغف بالعلم الذي يمتد عبر التاريخ في جازان، تستمر هذه القصص في تعزيز دور التعليم كقوة محركة للتقدم. بهذا النهج، يصبح كل تحدٍ خطوة نحو الارتقاء، وكل مدرسة مثل هذه هي دليل على قوة الروح الإنسانية في صنع التغيير.