صحيفة المرصد: انخفاض أسعار الإسكان وسط ارتفاع قياسي للأراضي التجارية في المملكة

كشفت الهيئة العامة للإحصاء عن تباطؤ واضح في مؤشر أسعار العقارات في المملكة العربية السعودية خلال الربع الثالث من عام 2025. حيث انخفض معدل التغير السنوي إلى 1.3%، مقارنة بـ3.2% في الربع الثاني من نفس العام. هذا التباطؤ يعكس تأثيرات متعددة على السوق العقاري، مع تركيز خاص على انكماش القطاع السكني، الذي يشكل الجزء الأكبر من المؤشر. رغم ذلك، فإن بعض القطاعات الأخرى ظلت محافظة على نموها، مما يشير إلى تنوع في الأداء العام. يرتبط هذا التباطؤ بتغيرات اقتصادية وديموغرافية، حيث أثرت العوامل المحلية مثل تقلبات الطلب والعرض على أسعار الوحدات السكنية بشكل خاص، مما يدفع إلى إعادة تقييم الاستثمارات في هذا المجال.

تباطؤ أسعار العقارات في المملكة

يأتي هذا التباطؤ نتيجة لعدة عوامل رئيسية، حيث تراجع القطاع السكني بشكل ملحوظ من 0.4% في الربع الثاني إلى -0.9% في الربع الثالث. هذا الانخفاض يعكس تحديات في سوق الإسكان، مثل انخفاض أسعار الأراضي السكنية بنسبة 0.9% والشقق بنسبة 1.7%. ومع ذلك، لم يكن هذا الحال في جميع الفئات، إذ شهدت أسعار الفلل ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.2%، بينما ارتفعت أسعار الأدوار السكنية بنسبة 0.3%. من ناحية أخرى، استمر القطاع التجاري في تحقيق نمو قوي، مسجلاً ارتفاعًا بنسبة 6.8%، وهو ما يعزى إلى ارتفاع أسعار قطع الأراضي التجارية بنسبة 7.2%، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار العمائر بنسبة 3.3% وأسعار المعارض بنسبة 1.1%. هذه التفاوتات تبرز كيفية تأثر أجزاء مختلفة من السوق بمختلف الظروف الاقتصادية، حيث يمثل القطاع التجاري نحو 25.4% من المؤشر العام، مما يجعله محركًا رئيسيًا للنمو رغم التباطؤ العام.

عند النظر إلى المناطق الجغرافية، تظهر بيانات الهيئة تفاوتات واضحة في أداء أسعار العقارات. على سبيل المثال، سجلت المنطقة الشرقية أعلى معدلات الارتفاع بنسبة 6.1%، متبوعة بمنطقة نجران بـ3.7%، ثم تبوك بـ3.4%، وأخيرًا مكة المكرمة بـ1.9%. هذه الارتفاعات تعكس ديناميكيات محلية متنوعة، مثل النشاط الاقتصادي والتوسع العمراني في هذه المناطق، الذي يدعم الطلب على العقارات التجارية على وجه الخصوص. في المقابل، ظلت بعض المناطق أقل حيوية، مما يعزز الفجوة بين المناطق الأكثر ازدحامًا اقتصاديًا والأخرى. هذا التوزيع الجغرافي يؤكد أهمية النظر في العوامل المحلية عند تحليل اتجاهات السوق العقاري.

تطورات في سوق الإسكان

في سياق القطاع السكني، الذي يشكل العمود الفقري لمؤشر أسعار العقارات، يبرز الانخفاض كعلامة واضحة على التغيرات الأخيرة. فقد انخفضت أسعار الأراضي السكنية بنسبة 0.9% وأسعار الشقق بنسبة 1.7%، مما يعكس ربما تأثير السياسات الحكومية أو تغيرات في أنماط الاستهلاك. ومع ذلك، يظل هناك بعض الإيجابيات، حيث شهدت أسعار الفلل ارتفاعًا بسيطًا بنسبة 0.2%، ربما بسبب الطلب المستمر من قبل العائلات أو المستثمرين الأفراد. هذا الاختلاف داخل القطاع يشير إلى أن السوق ليس موحدًا، بل يتأثر بمستويات الدخل والتفضيلات الشخصية. في الجوانب الأوسع، يمكن أن يؤدي هذا الانخفاض إلى فرص استثمارية جديدة، خاصة مع وجود توازن بين الانكماش والنمو في فئات أخرى.

بالإجمال، يعكس هذا التقرير صورة شاملة لسوق العقارات في المملكة، حيث يجمع بين التحديات والفرص. على الرغم من التباطؤ العام، إلا أن النمو في القطاعات التجارية والمناطق الناشئة يقدم أملًا لاستمرار التحسن. يجب على المستثمرين والمسؤولين متابعة هذه التطورات، خاصة مع تأثيرها على الاقتصاد الأوسع، مثل زيادة الفرص الوظيفية أو دعم التنمية العمرانية. في الختام، يظل سوق العقارات محفزًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، مع الحاجة إلى استراتيجيات تتكيف مع التغيرات الديناميكية. هذه الاتجاهات تؤكد على أهمية الابتكار في السياسات العقارية لضمان الاستدامة طويلة الأمد.