انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يزعم أنه يظهر الرئيس السوداني السابق عمر البشير وهو يتجول في شوارع مدينة مروي شمال السودان، مما أثار ضجة واسعة بين الجمهور. هذا الفيديو حصد آلاف المشاهدات، وجاء مصحوبًا بتعليقات تشير إلى أن البشير قد أصبح حرًا طليقًا، رغم الرواية الرسمية المعاكسة. يعود هذا الانتشار إلى فترة من التوتر السياسي في السودان، حيث يواجه البلاد تحديات أمنية واجتماعية كبيرة.
فيديو عمر البشير المضلل في الشبكات الاجتماعية
من خلال التحقق الدقيق، تبين أن الفيديو ليس حديثًا كما يدعي منشروه، بل يعود تاريخه إلى عام 2014. حينذاك، كان البشير لا يزال في السلطة، ويظهر الفيديو في سياق زيارته لمناطق شرق النيل بعد الأمطار الغزيرة التي اجتاحت البلاد. هذا السياق الأصلي يختلف تمامًا عن الرواية الحالية، التي تسعى إلى تضليل الجمهور بإعادة تقديم المقطع كدليل على حريته في الفترة الأخيرة. في عام 2019، أطاح الجيش بالبشير عقب انتفاضة شعبية، وتم سجنه بسبب اتهامات بالانقلاب، مما يؤكد أن الفيديو لا يعكس الواقع الحالي.
التحقق من مقطع عمر البشير القديم
عند البحث في تفاصيل الفيديو، تبين أنه نشر لأول مرة في 30 يوليو 2014 عبر صفحة فيسبوك رسمية مرتبطة بالبشير، وكان الوصف يشير إلى جولة تفقدية للمناطق المتضررة من الفيضانات. آنذاك، شهد السودان كارثة بيئية هائلة، حيث اجتاحت مياه السيول 15 ولاية، بما في ذلك الخرطوم، وأسفرت عن سقوط نحو 77 قتيلًا وتدمير أكثر من 23 ألف منزل بشكل كامل، إضافة إلى أضرار جزئية في عشرات الآلاف الأخرى. هذه الحادثة كانت جزءًا من جهود البشير في ذلك الوقت لمواجهة الكوارث الطبيعية، لا علاقة لها بالأحداث السياسية الحالية.
مع ذلك، يعود انتشار الفيديو مجددًا في الفترة الأخيرة، وسط الصراع المستمر في السودان بين الجيش ومليشيا الدعم السريع منذ أبريل 2023. هذا النزاع أدى إلى تفاقم الوضع الأمني، وأثار مخاوف حول انتشار المعلومات المضللة التي تعزز الشائعات والتوترات. السلطات السودانية أودعت البشير في سجن كوبر شمال العاصمة الخرطوم بعد إزالته من السلطة، وهو يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، كما هو مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. نفى البشير هذه الاتهامات، لكن الواقع يظل يؤكد احتجازه.
في السياق الأوسع، يعد هذا الفيديو مثالًا على كيفية استخدام وسائل التواصل لتشويه الحقائق، خاصة في البلدان المنكوبة بالصراعات. يؤدي نشر مثل هذه المحتويات إلى زيادة الارتباك بين السكان، ويثير تساؤلات حول مصداقية المعلومات المنتشرة. من المهم للمستخدمين التحقق من مصادر الأخبار قبل مشاركتها، لتجنب الوقوع في فخ الروايات المضللة. في حالة السودان، يستمر الوضع غير مستقر، حيث تؤثر الحرب على حياة الملايين، وتزيد من صعوبة الوصول إلى الحقيقة. هذا الانتشار المتكرر للفيديو يعكس كيف يمكن للماضي أن يعود ليشكل الحاضر، لكنه يظل باطلًا في السياق الراهن.
بشكل عام، يحتاج الأمر إلى جهود مشتركة من الإعلام والمستخدمين لمكافحة الإشاعات، وتعزيز الوعي بأهمية التحقق من الوقائع. في السودان، حيث تتواصل التحديات، يبقى من الضروري التركيز على الحقائق لصون الاستقرار. هذا الفيديو، رغم قدمه، يذكرنا بأن التاريخ يمكن أن يُستغل لأغراض سياسية، مما يعرض المجتمع للمزيد من التوترات.
تعليقات