المحكمة العليا تقرر إلغاء الدائرة الدستورية بمحكمة النقض وتطالب بإعادة تقديم الطعون.

أصدرت المحكمة الدستورية العليا في بنغازي قرارًا يعد خطوة قانونية كبيرة، حيث ألغت الدائرة الدستورية السابقة في محكمة النقض. هذا القرار، الذي صدر بموجب المادة الأولى من القرار رقم (7) لسنة 2025، يهدف إلى إعادة تنظيم الجهاز القضائي في ليبيا، رغم أنه أثار مناقشات واسعة في الأوساط السياسية والقانونية.

قرار المحكمة الدستورية العليا

نص القرار على إجراءات محددة لضمان استمرارية العمل القضائي. على سبيل المثال، أحالت المادة الثانية جميع الدعاوى والطلبات السابقة إلى المحكمة الدستورية العليا دون فرض أي رسوم إضافية. كما فرضت المادة الثالثة على الخصوم إعادة تقديم طعونهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الصدور، مع الإشارة في المادة الرابعة إلى أن أي طعون غير مطروحة في المهلة المحددة ستُعتبر كأنها لم تكن. أما المادة الخامسة، فقد أكدت تنفيذ القرار فور صدوره ونشره في الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام. هذه التعديلات تعكس محاولة لتعزيز استقرار النظام القضائي، مع الاستناد إلى الإعلان الدستوري المؤقت من 2011 وتعديلاته، إلى جانب قوانين أخرى مثل قانون المرافعات المدنية رقم (10) لسنة 2014 وقانون إنشاء المحكمة رقم (5) لسنة 2023. كما تم تعيين هيئة المحكمة برئاسة المستشار مصطفى عبدالله محمد، وهيئة المفوضين برئاسة المستشار سالم موسى هاشم عبدالقادر، من خلال قرارات صادرة من مجلس النواب. في 3 أغسطس الماضي، أدى أعضاء المحكمة اليمين الدستورية أمام المجلس، مما سمح لها ببدء عملها الرسمي في 19 أغسطس للنظر في الطعون الدستورية.

الإجراءات القضائية

يأتي هذا القرار في سياق خلافات قانونية حادة، حيث يعكس الجدل الحالي حول شرعية المحكمة الدستورية العليا. من جهة، يُرى هذا الإجراء كخطوة لتعزيز الفصل بين السلطات، لكنه يواجه انتقادات شديدة من بعض الأطراف. على سبيل المثال، اعتبر المجلس الأعلى للدولة أن إجراءات تشكيل المحكمة “باطلة” وتشكل انتهاكًا لمبادئ الدستور، بينما أوقف المجلس الرئاسي العمل بالقانون المنظم لها. هذه الردود المتقابلة تجسد الانقسام السياسي في ليبيا، حيث يتساءل البعض عن مدى تأثير القرار على الاستقرار العام. من ناحية أخرى، يدعي مؤيدو القرار أنه يعزز الكفاءة القضائية ويحمي حقوق الأفراد من خلال توحيد الجهود في هيئة واحدة موثوقة. في الواقع، هذا الجدل يبرز أهمية الإصلاحات الدستورية في مرحلة انتقالية حساسة، حيث يسعى القضاء للتوفيق بين الالتزام بالقوانين السابقة والتكيف مع الواقع السياسي المتغير. على المدى الطويل، قد يؤدي هذا القرار إلى إعادة تشكيل المنظومة القضائية في البلاد، مما يفتح الباب أمام مزيد من المناقشات حول كيفية ضمان العدالة في ظل التحديات الراهنة. بشكل عام، يمثل هذا الحدث نقطة تحول في مسيرة ليبيا نحو تعزيز الدولة القانونية، مع التركيز على بناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة الصراعات الداخلية.