في قلب الدرعية، تفتح أبواب التاريخ لتعيد رسم صورة حية عن إرث العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية. من خلال مبادرة جديدة، يتم السماح للزوار والسائحين بزيارة قصر الإمام عبدالله بن سعود، الذي يمثل آخر أئمة الدولة السعودية الأولى، إلى جانب قصور الأمير مشاري، والأمير تركي، والأمير ثنيان، والأمير سعد، والأمير ناصر. هذه الخطوة ليست مجرد جولة سياحية، بل فرصة لاستكشاف كيف عاش هؤلاء الأمراء وتفاعلوا مع مجتمعاتهم، مما يبرز جوانب حياتهم اليومية والاجتماعية. تؤكد مديرة موسم الدرعية، أحلام آل ثنيان، أن هذا الافتتاح يهدف إلى تقديم تجربة غامرة وفريدة، تجمع بين التراث والتفاعل الحي، ضمن فعاليات موسم الدرعية الذي يحتفل بالهوية الوطنية والثقافية.
التعريف بالطابع الإنساني والاجتماعي للأمراء
يبرز موسم الدرعية هذا العام جهوداً متعمقة لإظهار الجوانب الإنسانية للأمراء، حيث يتم التركيز على كيف كانوا جزءاً أساسياً من نسيج المجتمع السعودي. من خلال زيارة هذه القصور، يتاح للزوار التعرف على قصص حياة الأمراء، بما في ذلك عاداتهم اليومية، علاقاتهم الاجتماعية، ودورهم في تعزيز قيم الكرم والضيافة التي تميز أهل الدرعية. هذه التجربة ليست تاريخية فحسب، بل تعكس كيف ساهم الأمراء في بناء الروابط الاجتماعية والثقافية، مما يجعل الزيارة فرصة لفهم الطابع البشري الحقيقي خلف الوجوه التاريخية. على سبيل المثال، يُظهر قصر الإمام عبدالله بن سعود كيف كان يدير شؤون الدولة بتوازن بين القيادة والحياة العائلية، بينما تكشف قصور الأمراء الآخرين عن تفاصيل حياتهم الخاصة مثل الاجتماعات العائلية والفعاليات الاجتماعية. هذا النهج يعيد صياغة نظرة الجمهور إلى الأمراء كأشخاص حقيقيين، ليس كرموز تاريخية فحسب، بل كأفراد ساهموا في تشكيل المجتمع السعودي. وفقاً لمديرة الموسم، فإن هذا التعريف يهدف إلى تعزيز الوعي بقيم التواصل والتضامن، مما يجعل الموسم تجربة تعليمية وثقافية شاملة تتناسب مع مختلف الأعمار والخلفيات.
في هذا السياق، ينطلق موسم الدرعية تحت شعار “عزك وملفاك”، الذي يعكس أصالة المدينة وكرم أهلها، مع تشكيلة واسعة من الفعاليات التي تجمع بين الترفيه والتعليم. من بين هذه الفعاليات، يبرز مهرجان الدرعية للرواية، الذي يحتفي بالفنون السردية ويجمع كبار المؤلفين والكتاب من مختلف أنحاء العالم لمشاركة قصصهم وتجاربهم، مما يضيف طبقة ثقافية عميقة إلى الموسم. كما يشمل البرنامج الموسوم بـ”طين”، الذي يركز على العمارة التقليدية تحت إشراف خبراء أكاديميين، حيث يتيح للزوار الغوص في فنون البناء التقليدي بالطين والحجر، راكزاً على أهمية هذه العناصر في الحياة اليومية لسكان الدرعية قديماً. هذا البرنامج ليس مجرد عرض، بل تجربة تفاعلية تتضمن ورش عمل وعروض توضيحية، مما يسمح للزوار بتجربة بناء نماذج صغيرة بنفسهم. أما فعالية ليالي الدرعية، فهي تتسع لأكثر من 4000 زائر يومياً، مع عروض فنية وثقافية تشمل الرقصات الشعبية والحكايات التقليدية، مما يجعلها حدثاً اجتماعياً نابضاً بالحياة.
استكشاف الجوانب الإنسانية لأفراد العائلة المالكة
يعزز هذا الموسم التركيز على الجوانب الإنسانية للأمراء من خلال برامج مصممة بعناية لتناسب السياح والسكان المحليين على حد سواء. تشمل هذه البرامج أنشطة تستهدف جميع الفئات العمرية، من الأطفال الذين يشاركون في ورش عمل بسيطة حول التاريخ، إلى الكبار الذين يجدون فيها فرصة للتأمل في التراث الاجتماعي. على سبيل المثال، بعض البرامج مصممة لتتوافق مع إجازة بين الفصول الدراسية، مما يسمح للأسر السعودية والزائرة بقضاء أوقات ممتعة ومفيدة في العاصمة الأولى للدولة. هذه التجارب الثرية تضمن أن يغادر الزوار بفهم أعمق لكيف ساهم الأمراء في بناء المجتمع، من خلال قصص تعكس الرحمة، الكرم، والقيادة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الموسم جولات خاصة تركز على التفاعلات اليومية للأمراء، مثل كيف كانوا يستقبلون الضيوف أو يديرون شؤون المجتمع، مما يجعل الزيارة تجربة شخصية ومؤثرة. في النهاية، يمثل موسم الدرعية فرصة فريدة للتواصل مع التراث الحي، حيث يمتزج التعليم بالترفيه ليبرز الطابع الإنساني الحقيقي للأمراء، مؤكداً على دورهم في تعزيز قيم الوحدة والتفاهم في المجتمع السعودي.

تعليقات