تتواصل المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، بشرط احترام مصالحنا.

في الآونة الأخيرة، شهدت القضايا الدولية تطورات هامة حول برنامج إيران النووي، حيث أعلنت طهران رسمياً انتهاء التزامها باتفاق 2015، الذي كان يحد من نشاطاتها النووية مقابل رفع العقوبات. ومع ذلك، كشف مسؤولون إيرانيون عن استمرار حوار غير مباشر مع الولايات المتحدة، مشددين على أن هذه الاتصالات تعتمد بشكل كامل على مصالح إيران الأمنية والاقتصادية. يأتي ذلك في سياق سعي طهران للحفاظ على خياراتها الدبلوماسية رغم التصعيد الإقليمي.

الاتفاق النووي واستمرارية الحوار الدبلوماسي

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، خلال مؤتمر صحفي، أن الاتصالات غير المباشرة مع واشنطن مستمرة عبر وسطاء يتولون تبادل الرسائل بين الطرفين. وأبرز بقائي أن هذا الحوار ليس خطوة نحو مفاوضات مباشرة، بل يركز على تقييم الخيارات الممكنة دون التخلي عن مواقف إيران الراسخة. وفي السياق نفسه، أشار إلى أن الملف النووي لم يكن أصلاً مشكلة دولية، بل تم فرضه على أجندة الأمم المتحدة بضغط من الدول الأوروبية وأمريكا، مع التأكيد على حق إيران في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، وفقاً لالتزاماتها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

من جانب آخر، تأتي هذه التصريحات في وقت شهدت فيه إيران إعلاناً رسمياً بأنها لم تعد خاضعة للقيود السابقة المفروضة على برنامجها النووي، مع انتهاء صلاحية اتفاق 2015 وقرار مجلس الأمن 2231. ومع ذلك، نفت طهران أي نية للانسحاب من مسارات الدبلوماسية، مؤكدة حرصها على حوار بناء يضمن حقوقها الشرعية. هذا النهج يعكس توازناً دقيقاً بين الدفاع عن السيادة الوطنية والاستعداد للحوار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية.

جهود التفاوض حول البرنامج النووي

وفي الوقت نفسه، عبر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، عن رأيه بأن رفع العقوبات عن إيران ممكن إذا أظهرت استعداداً حقيقياً للتفاوض، معتبراً أن اتفاقاً جديداً يمكن الوصول إليه في المستقبل. هذه التصريحات تعزز من أهمية الحوار غير المباشر كأداة لتجنب التصعيد، حيث يسعى الجانبان إلى استكشاف نقاط الالتقاء دون التخلي عن مطالبهما الأساسية. ومن الواضح أن هذا الملف يتجاوز الجوانب النووية ليشمل قضايا إقليمية وأمنية أوسع، مثل التوترات في الشرق الأوسط ودور إيران في المنطقة.

بالعودة إلى السياق التاريخي، كان اتفاق 2015، المعروف باسم اتفاق النووي الشامل المشترك، خطوة هامة لتخفيف التوترات، لكنه تعرض للضربة القاضية مع انسحاب الولايات المتحدة في 2018، مما دفع إيران إلى تقليص التزاماتها تدريجياً. الآن، مع استمرار الحوار، يبرز تساؤل حول ما إذا كان بإمكان الدبلوماسية استعادة الثقة المفقودة، خاصة مع الضغوط الدولية المستمرة. في الختام، يظل البرنامج النووي الإيراني رمزاً للاستقلال الوطني، وأي تقدم في التفاوض يتطلب مرونة من كلا الجانبين لتحقيق توازن يحافظ على السلام الدولي.

بالنظر إلى الأبعاد الإنسانية، يؤثر هذا الوضع مباشرة على الشعب الإيراني، الذي يعاني من آثار العقوبات على الاقتصاد والحياة اليومية، مما يدفع الحكومة إلى مواصلة البحث عن حلول دبلوماسية تعيد الاستقرار. كما أن الدول الأوروبية تلعب دوراً حاسماً في هذه العملية، محاولة الوساطة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاتفاق الأصلي. في النهاية، يمثل هذا الملف تحدياً عالمياً يتطلب حواراً مكثفاً لمنع أي انزلاق نحو الصراعات المفتوحة.