أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة مفاجئة، إنهاء جميع المدفوعات والإعانات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لكولومبيا، مما يعكس تصعيداً حاداً في الخلافات بين الجانبين. هذا القرار جاء كرد فعل على اتهامات ترامب بأن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لم يتخذ أي إجراءات فعالة لمكافحة إنتاج المخدرات في بلاده، رغم الدعم المالي الهائل الذي قدمته واشنطن على مدى سنوات. كان ترامب قد عبّر عن غضبه من خلال منشور على منصة “تروث سوشيال”، حيث وصف هذا الدعم بأنه “نهب مستمر” للولايات المتحدة، دون عوائد ملموسة.
ترامب يلغي الدعم لكولومبيا
في منشوره، أكد ترامب أن هذا القرار سيبدأ فوراً، متعهداً بوقف أي شكل من أشكال الدعم المالي أو اللوجستي لكولومبيا. وقال إن بيترو يجب أن يتوقف عن عدم الفعالية في مكافحة المخدرات، محذراً إياه من تدخل مباشر من الولايات المتحدة إذا لم يتحرك. هذه الخطوة تأتي في سياق خلافات متعددة بين الرجلين، التي تشمل قضايا الهجرة غير الشرعية والاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى اتهامات سابقة من بيترو للإدارة الأمريكية بقتل مواطن كولومبي بريء خلال عملية عسكرية أمريكية في منطقة البحر الكاريبي. وفقاً لتصريحات ترامب، فإن هذا الإجراء لن يقتصر على الجوانب المالية، بل قد يمتد إلى تدخلات أخرى إذا لم يتم الالتزام بمطالبه.
تصعيد التوترات الدبلوماسية
مع تزايد التوترات، يبدو أن العلاقات بين الولايات المتحدة وكولومبيا قد وصلت إلى مفترق طرق خطير. في الشهر الماضي، ألغت الإدارة الأمريكية تأشيرة سفر للرئيس بيترو بعدما دعا علناً الجنود الأمريكيين إلى عصيان أوامر ترامب خلال زيارة أخيرة للأمم المتحدة. هذا التصعيد لم يقتصر على السياسة الخارجية، بل تحول إلى هجوم شخصي، حيث وصف ترامب بيترو بأنه “زعيم مخدرات غير قانوني”، معتبراً أن سياساته تساهم في تعزيز الجرائم الدولية. في السياق نفسه، أكد ترامب أن الولايات المتحدة لن تتردد في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك إغلاق حقول إنتاج المخدرات في كولومبيا إذا لم يتدخل بيترو بنفسه.
وراء هذه الخلافات، يبرز الصراع الدائم حول كيفية التعامل مع قضايا الاتجار بالمخدرات عالمياً. كولومبيا، كواحدة من أكبر الدول المنتجة للمواد المخدرة، كانت تتلقى دعماً مالياً هائلاً من الولايات المتحدة منذ عقود، خاصة في إطار اتفاقيات مكافحة المخدرات. ومع ذلك، يزعم ترامب أن هذا الدعم لم يؤدِ إلى نتائج إيجابية، مما دفع إلى هذا القرار الجريء. من جانب آخر، يرى مراقبون أن هذا الإعلان يعكس استراتيجية ترامب في تعزيز موقفه الداخلي قبيل الانتخابات، مستغلاً القضايا الأمنية لتأجيج الغضب العام تجاه الدول التي يراها غير ملتزمة. في الوقت نفسه، قد يؤدي ذلك إلى تأثيرات اقتصادية واسعة على كولومبيا، حيث تعتمد بعض برامجها الحكومية على هذا الدعم.
بالإضافة إلى ذلك، لم يتوقف الأمر عند الاتهامات السياسية، بل امتد إلى الاتهامات الشخصية، حيث اتهم ترامب بيترو مباشرة بتجاهل مسؤولياته الوطنية. هذا التصعيد يثير مخاوف من تفاقم الوضع الإقليمي، خاصة في أمريكا اللاتينية، حيث قد يؤثر على التعاون الدولي في مكافحة الجرائم المنظمة. على الرغم من ذلك، يبقى من غير الواضح كيف سيتعامل بيترو مع هذه التحديات، خاصة مع احتمال تصعيد الولايات المتحدة إلى مستويات أعلى. في نهاية المطاف، يمثل هذا الإعلان نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، وهو يعكس الديناميكيات المتغيرة في السياسة الدولية حول قضايا الأمن والاقتصاد.
تعليقات