تتراجع بحيرة الملح الكبرى في ولاية يوتا الأمريكية بسرعة مذهلة، فقد خسرت 73% من مياهها و60% من مساحتها السطحية منذ منتصف القرن التاسع عشر، بسبب الإفراط في استخلاص المياه وتغير المناخ. هذا التحول يحول ما كان نظامًا بيئيًا حيويًا، يدعم هطول الأمطار ويقدم ملاذًا لملايين الطيور المهاجرة، إلى كارثة محتملة الاندثار. الفنان التشيلي ألفريدو جار يوثق هذه التراجعات من خلال صوره الجوية، التي تكشف عن مياه ضحلة، أراضي جرداء، وغبار سام، واصفًا إياها برثاء لكوكبنا المتردي. هذه الصور ليست مجرد توثيق، بل فوز سلسلته “النهاية” بجائزة Prix Pictet العالمية، التي تمنح 124 ألف دولار وتركز في دورها الحادي والعاشر على موضوع “العاصفة”، محاولة إبراز الآثار الواسعة للظواهر المناخية.
عواصف المناخ تهدد الكوكب
في هذا السياق، يبرز التقرير كيف أصبحت العواصف رمزًا للتهديدات البيئية المتصاعدة، كما أكد مدير الجائزة مايكل بنسون، الذي أوضح أنها تعكس الجانب الجامح من الطبيعة، متفاقمًا بسبب اختفاء الأنواع، ذوبان الجليد القطبي، وانتشار حرائق الغابات. المصورون المتنافسون، مثل مارينا كانيف، وثقوا آثار الفيضانات والانهيارات في جبال الدولوميت الإيطالية عام 1966، مشيرين إلى استمرارية الكوارث، بينما كاميل سيمان التقطت صورًا لعواصف رعدية هائلة تنتج بردًا بحجم الفاكهة. هذه الأعمال تجسد الخطر الوشيك، حيث ترتبط العواصف باضطرابات اجتماعية، كما في صور بالاز غاردي للهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، الذي يعكس كيف يؤدي تغير المناخ إلى هجرات جماعية، مما يعزز الصراعات والانقسامات الاجتماعية. باختصار، تكشف هذه الصور واقعًا مرعبًا يتسم بالفيضانات المدمرة، كتلك التي ضربت برازافيل في الكونغو عام 2020، أو الانهيارات في لويزيانا، مما يؤكد على الحاجة إلى إجراءات فورية.
كوارث بيئية وتأثيراتها الاجتماعية
مع تزايد هذه الكوارث، يبرز دور الصور كأداة للتغيير، حيث تخترق اللامبالاة تجاه أزمة المناخ وتنقل الرسالة بقوة تفوق الكلمات. بنسون يؤكد أن الصور المرشحة، مثل تلك التي صورت باتريسيا زيلانو لكتب نجت من فيضانات البندقية عام 2019، تظهر كيف تحول التغير المناخي حياة الناس، مقدمة نظرة على مستقبل يعج بالنزوح والدمار. في الوقت نفسه، ترتبط هذه الكوارث بتحديات اجتماعية، حيث يدفع ارتفاع منسوب المياه أو الحرارة الناس للهجرة، مما يولد توترات سياسية واجتماعية. هذه الأعمال الفوتوغرافية، المختارة من بين 12 عملاً، ليست مجرد فن، بل دعوة للتأمل في كيفية تفاقم مشكلات الاستدامة، مثل تراجع بحيرة الملح، الذي يهدد التوازن البيئي العالمي. بينما تستمر العواصف في الانتشار، تذكرنا هذه الصور بأن الإنسانية تواجه عصرًا من الغموض، حيث يبدو كل يوم انتظارًا لكارثة جديدة، مشددة على ضرورة التصدي لتغير المناخ قبل فوات الأوان. في النهاية، تعزز هذه الروايات الوعي العام، محولة الفن إلى قوة دافعة للإجراءات المستدامة.
تعليقات