في مثل هذا اليوم.. محمود الجوهري يسجل أهدافه الأخيرة مع الأهلي!

في عام 1963، كان يوم 18 أكتوبر يمثل لحظة مفصلية في تاريخ كرة القدم المصرية، حيث سطع نجم اللاعب الراحل محمود الجوهري في إحدى أبرز المباريات الدرامية. كان هذا اليوم شاهداً على تسجيل الجوهري هدفه الأخير مع الأهلي، وهو فريقه الذي رافق مسيرته لسنوات طويلة. في ذلك اللقاء، الذي انتهى بخسارة الأهلي أمام الترام السكندري بنتيجة 3-1، لعب محمود الجوهري دور البطولة في الشوط الأول، مسجلاً هدفاً ساحراً في الدقيقة 33 ساعد على تقدم فريقه. ومع ذلك، تحولت المباراة إلى درس قاسٍ في الشوط الثاني، حيث قلب الفريق السكندري المعادلة بثلاثة أهداف متتالية أمام تمركز دفاعي ضعيف.

محمود الجوهري يسجل هدفه الأخير مع الأهلي

في تلك المباراة الحاسمة، التي أقيمت في الدوري المصري ضمن المجموعة الأولى، كان الأهلي يأمل في تعزيز مكانته، لكنه واجه هزيمة مفاجئة في استاد الإسكندرية تحت إدارة الحكم محمد دياب العطار. بدأ الأهلي بتفوق مبكر عن طريق محمود الجوهري، الذي كان في أوج عطاءه، لكن الترام السكندري رد بقوة من خلال إبراهيم عفيفي، الذي سجل هدف التعادل من ركلة جزاء في الدقيقة 63، تلاها هدف عبد النبي بعد 15 دقيقة، وأخيراً هدف فاروق السيد في الدقائق الأخيرة. هذه الهزيمة لم تكن مجرد خسارة عادية، بل كانت الأولى للأهلي في ذلك الموسم، وخامس هزيمة في تاريخ مواجهات الفريقين في الدوري، مما أكد على قوة المباريات بين القاهرة والإسكندرية في تلك العصور.

بالعودة إلى مسيرة محمود الجوهري، الذي ولد في 20 فبراير 1938 بالقاهرة وتوفي في 3 سبتمبر 2012 في عمان، يبدو واضحاً أنه كان من أبرز نجوم كرة القدم المصرية. بدأ رحلته الرياضية مع الأهلي عام 1955، حيث لعب حتى عام 1964، عندما أجبرته إصابة في الركبة على الاعتزال. خلال هذه الفترة، ساهم في تحقيق تسع بطولات مع الفريق، بما في ذلك ست بطولات في الدوري المصري، واثنتين في كأس مصر، بالإضافة إلى كأس الجمهورية العربية المتحدة في عام 1961 خلال فترة الوحدة بين مصر وسوريا. على المستوى الدولي، كان الجوهري محوراً في منتخب مصر، حيث ساهم في فوزه بكأس الأمم الأفريقية عام 1959، محرزاً ثلاثة أهداف وصنعاً لقصة بطولة.

ما جعل مسيرة محمود الجوهري أكثر تألقاً هو انتقاله إلى عالم التدريب، حيث تولى قيادة الأهلي وأسفرت جهوده عن سبع بطولات، بما في ذلك بطولة أفريقيا أبطال الدوري عام 1982 ضد أشانتي كوتوكو الغاني، وبطولة أبطال الكؤوس عام 1985 ضد ليفنتس النيجيري. لم يقتصر نجاحه على الأهلي، فقد تولى تدريب الزمالك عام 1993، وساهم في تحقيق بطولة أفريقيا أبطال الدوري ذلك العام ضد كوتوكو مرة أخرى، بالإضافة إلى كأس السوبر الأفريقي ضد الأهلي نفسه في جوهانسبرغ. على المستوى الدولي، قاد منتخب مصر منذ عام 1988، محققاً بلوغ نهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1990، وفاز بكأس الأمم الأفريقية عام 1998 وبطولة عربية عام 1992، قبل أن ينتقل لتدريب منتخب الأردن.

أما في الدول العربية، فقد خاض محمود الجوهري تجارب متنوعة، بما في ذلك تدريب أهلي جدة السعودي، والشارقة، والوحدة في الإمارات، بالإضافة إلى نادي الوحدة نفسه، حيث حقق كأس رئيس الدولة عام 1996. كما قاد منتخبات سلطنة عمان والأردن، مما جعله رمزاً للتميز في الكرة العربية. خلال مسيرته الطويلة كلاعب ومدرب، جسد الجوهري روح الرياضة المصرية، مع إنجازات تجاوزت الحدود المحلية وأثرت على المنافسات الإفريقية والعربية. إرثه يظل حياً في قلوب عشاق الكرة، كما أنه يذكرنا بأن الرياضة ليست مجرد ألعاب، بل قصص من التفاني والإصرار.

إرث الجوهري في كرة القدم العربية

في ختام مسيرة محمود الجوهري، يبرز تأثيره الدائم على كرة القدم، خاصة في المنافسات العربية والأفريقية. كان الجوهري نموذجاً لللاعب الذي تحول إلى مدرب ناجح، حيث لم يقتصر دوره على تسجيل الأهداف، بل امتد إلى صنع الفرق الفائزة. من خلال تجاربه مع أندية مثل أهلي جدة والشارقة، ساهم في تطوير الرياضة في المنطقة، محققاً بطولات محلية ودولية أكسبت المنافسات زخماً إضافياً. على سبيل المثال، قيادته لمنتخب عمان والأردن ساهمت في تعزيز الروابط الرياضية بين الدول العربية، مما جعله رمزاً للتعاون والتميز. حتى اليوم، يُعتبر الجوهري مصدر إلهام للأجيال الجديدة، حيث جمع بين الموهبة الفردية والقيادة الجماعية، مما يعكس كيف يمكن لشخص واحد أن يغير مسار الرياضة في المنطقة. بشكل عام، يظل إرثه شاهداً على التفاني والإنجازات التي تجاوزت الحدود، محافظاً على مكانته كأحد أعظم الشخصيات في تاريخ كرة القدم العربية.