الولايات المتحدة تعمل حالياً على تقييم إمكانية دعم أوكرانيا عسكرياً من خلال تزويد الجيش الأوكراني بصواريخ توماهوك، وهو خطوة قد تعزز قدراتها في المواجهة مع القوات الروسية في الشرق. ومع ذلك، يثير هذا القرار مخاوف داخل الإدارة الأمريكية، خاصة مع التحفظ الذي أبداه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن مخاطر استنزاف المخزون الاستراتيجي للولايات المتحدة، معتبراً أن هذه الصواريخ حاسمة للدفاع عن مصالحها الخاصة.
صواريخ توماهوك وتداعياتها في الصراع الأوكراني
في ظل التقديرات المتاحة، يُقدر مخزون الولايات المتحدة من صواريخ توماهوك بحوالي 4150 صاروخاً، وفقاً لآراء خبراء مثل مارك كانسيان، الذي شغل مناصب في وزارة الدفاع. هذا الرقم يختلف قليلاً مع تقديرات أخرى تشير إلى أكثر من 3500 صاروخ في الاحتياطي، مما يبرز أهمية هذه الأسلحة في استراتيجيات الدفاع الأمريكية. ومع ذلك، يحذر كانسيان من أن أي كمية تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا قد تكون غير كافية لإحداث تغيير جذري في مسار الحرب، خاصة وأن القوات الأمريكية قد استخدمت بالفعل قرابة 120 صاروخاً في عمليات عسكرية ضد أهداف في اليمن وإيران منذ عام 2022. هذا الاستخدام السابق يعكس الضغط المستمر على مخزون الصواريخ، مما يجعل من الصعب الاعتماد عليها في جبهات متعددة دون تعزيز الإمدادات.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بيانات الميزانية الأمريكية إلى أن البلاد لم تقم بشراء صواريخ توماهوك جديدة في السنوات الأخيرة، حيث خصصت ميزانية عام 2026 لشراء 57 صاروخاً فقط للجيش. هذا النهج يعزز القلق بشأن القدرة على تعويض أي نقص محتمل، خاصة في ظل معدل إنتاج يصل إلى حوالي 5 صواريخ شهرياً اعتباراً من أوائل عام 2025. إن هذا البطء في الإنتاج يعني أن الولايات المتحدة قد تواجه صعوبة في الحفاظ على توازن استراتيجي، حيث تتعامل مع التوترات في مناطق متعددة مثل شرق أوروبا.
الصواريخ الدقيقة ومخاطر الانتشار العالمي
على الرغم من الإغراء بتقديم دعم أكبر لأوكرانيا، إلا أن الولايات المتحدة تبدو مترددة في التخلي عن كميات كبيرة من صواريخ توماهوك، نظراً لاحتمالات استخدامها في مواجهات أخرى. على سبيل المثال، قد تكون هناك حاجة ماسة لهذه الصواريخ في مناطق مثل فنزويلا، حيث يمكن أن تشكل تهديداً للأمن الأمريكي. هذا التحفظ يعكس رؤية أوسع للأمن الدولي، حيث يجب على الولايات المتحدة أن توزع مواردها بعناية لتجنب إضعاف قدرتها على الرد على التحديات المفاجئة. في السياق نفسه، يبرز دور صواريخ توماهوك كأداة رئيسية في الردع، سواء في أوكرانيا أو في مناطق أخرى تشهد تصعيداً، مما يجعل قرار التزويد قراراً استراتيجياً معقداً.
في الختام، يمثل موضوع صواريخ توماهوك تحدياً كبيراً للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث يتطلب توازناً بين دعم الحلفاء وصيانة القدرات الدفاعية الداخلية. مع تزايد الضغوط العالمية، من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تقييم خياراتها بعناية، مع التركيز على تعزيز الإنتاج والتأكيد على دورها كقوة عظمى في الحفاظ على الاستقرار العالمي. هذا النهج يظهر كيف يمكن للأسلحة المتقدمة مثل هذه أن تكون عاملاً حاسماً في تشكيل المستقبل الجيوسياسي، دون إغفال الجوانب الاقتصادية والعسكرية المترابطة.

تعليقات