في الأردن.. يثير قرار إغلاق “مركز الإمام الألباني” جدلاً واسعاً بعد ربع قرن من النشاط المكثف.

أثار قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردنية إغلاق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية، حيث يُعتبر هذا المركز مركزاً لتيار “السلفية العلمية” الذي أسسه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني. تأتي هذه الخطوة في سياق محاولات السلطات التنظيمية للشأن الديني في الأردن، مما دفع نواباً في البرلمان للاستفسار عن الأسباب الدقيقة وراء الإجراء.

إغلاق مركز الإمام الألباني وتداعياته

يبدو القرار، الذي صدر مؤخراً، استجابة لما وصفته الوزارة بـ”مخالفات تتعارض مع الفكر الديني السائد” في المجتمع الأردني، وفقاً لإعلان رسمي. الشيخ الألباني، الذي هاجر إلى الأردن بعد تجربة اعتقال في سوريا، كان رائد “السلفية العلمية” أو “السلفية الدعوية”، واستمر نشاطه حتى وفاته عام 1999. يُقدر عدد أتباع هذا التيار في الأردن بنحو 10 آلاف شخص، ويركز على تعليم العلوم الشرعية والحديث، مع الالتزام بـ”ترك السياسة” كشعار أساسي. ومع ذلك، أكد النائب خميس عطية، رئيس كتلة “إرادة والوطن الإسلامي” في البرلمان، أن القرار لم يحدد بشكل واضح طبيعة المخالفات، مما دفع إلى تقديم أسئلة نيابية تطالب بإيضاحات مفصلة حول تأثير المركز في تعزيز التواصل العلمي والعمل الخيري للمجتمع.

السلفية الدعوية وتطورها في الأردن

يعكس هذا الجدل تطورات “السلفية الدعوية” كتيار فكري يؤكد على العلم الشرعي دون الانحياز للتيارات الجهادية أو الإصلاحية، حيث تولى قيادة التيار بعد وفاة الألباني الشيخ علي الحلبي ثم الشيخ مشهور حسن آل سلمان. كما شهد المركز إغلاقاً مؤقتاً خلال جائحة كورونا، مما يسلط الضوء على التحديات التي واجهها في الأعوام الأخيرة. من جانبه، رأى الباحث حسن أبو هنية أن هذا القرار يرتبط بجهود رسمية لتعزيز “الهوية الدينية الصوفية الأشعرية”، خاصة بعد صدور تشريع “نظام التكايا والزوايا” في يوليو الماضي، الذي يسمح بترخيص الطرق الصوفية وتشكيل مجلس لها. هذا التشريع يُعتبر خطوة نحو مأسسة التيارات الدينية الأخرى، مما يعني إعادة ترتيب المشهد الديني في البلاد ليكون أكثر تناسقاً مع رؤية الدولة لـ”الوسطية والاعتدال”.

وفي السياق نفسه، يُشار إلى أن السلطات الأردنية قد راجعت سياساتها الدينية في ضوء الأحداث الإقليمية، مثل أحداث 11 سبتمبر وثورات الربيع العربي، حيث اعتبر بعض الخبراء أن “السلفية العلمية” لم تؤد دوراً كافياً في مواجهة التطرف. لذا، يبدو أن قرار الإغلاق يندرج ضمن استراتيجية أوسع لضبط الشأن الديني، مع التركيز على تعزيز التوجهات الصوفية من خلال إنشاء مراكز وكراسي علمية تتعلق بالإمام الرازي والغزالي. وفقاً لأبو هنية، فإن هذا التوجه يهدف إلى توحيد المرجعية الدينية حول المذهب الأشعري والشافعي، مما قد يقلل من دور التيارات مثل تلك التابعة للألباني.

مع ذلك، من المتوقع أن يستمر أتباع التيار في نشاطهم الدعوي على المستوى المجتمعي، على الرغم من عدم قدرتهم على العمل بشكل مؤسسي. هذا التغيير يثير أسئلة حول مدى فعالية حصر التعددية الدينية في سياق واحد، خاصة في مجتمع متنوع مثل الأردني. وفي الختام، يظل هذا القرار محط نقاش يعكس توترات بين الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية الدينية، مع تأثيرات محتملة على التنوع الفكري في البلاد.