كشف خبير المناخ الدكتور عبدالله المسند أن موسم الوسم، الذي يُعد فترة من الخصوبة والأمطار الغزيرة، ينطلق اليوم الخميس الموافق 16 أكتوبر ويمتد حتى 6 ديسمبر، مما يجعله يستمر لمدة 52 يومًا. هذا الموسم يُعتبر رمزًا للخير والنماء، حيث يحمل معه الأمطار التي تعيد الحياة للأرض وتغطيها بالخضرة الزاهية. في سياق تفسيره، أكد الدكتور المسند أن الوسم ليس مجرد ظهور نجم أو منزلة سماوية معينة، بل هو مصطلح يشير إلى فصل طبيعي يشمل أربعة منازل قمرية متتالية، مما يجعل منه ظاهرة فلكية وربيعية متكاملة. هذا الوصف يعكس كيف كانت العرب تستخدم التقويم القمري لتوقع تغيرات الطقس وتحضير المجتمعات لموسم الزراعة والرعي.
موسم الوسم
في تفاصيل أكثر، شرح الدكتور المسند أن كلمة “الوسم” تحمل معاني عميقة في اللغة العربية، حيث تشير إلى العلامة أو أثر الكي الذي يتركه النار على السطح. وبالمثل، يُطلق هذا الاسم على الموسم لأن أمطاره ترسم علامات حيوية على الأرض، محولة الصحراء إلى مناظر خضراء مزدهرة ومُعمّرة بالكلأ والنباتات. هذا التغيير الدرامي يُعتبر علامة على بداية دورة الحياة الجديدة، حيث تنبعث الأشجار والعشب من الأرض الجافة، مما يدعم الزراعة والرعي في معظم مناطق الجزيرة العربية. على سبيل المثال، يساهم هذا الموسم في إنبات الفواكه البرية والأعشاب الطبية، وهو ما يجعله مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحياة السكان القدامى الذين اعتمدوا على هذه الموارد للصمود في البيئات القاسية. مع مرور السنين، تحول الوسم إلى رمز ثقافي يعبر عن التجدد والإبداع الطبيعي، مما يذكرنا بأهمية التوازن البيئي في الحفاظ على التنوع الحيوي.
بالإضافة إلى ذلك، يُشكل موسم الوسم نقطة انطلاق لسلسلة من الأمطار التي تعزز الخصوبة في المناطق الجافة، حيث يُعتبر هذا الوقت الأساسي لنمو النباتات مثل الكمأة، المعروفة أيضًا باسم الفقع. هذه الأمطار ليس لها دور اقتصادي فحسب، بل تحمل قيمة اجتماعية وثقافية عميقة، فهي تُلهم الشعراء والرواة في التراث العربي لوصف جمال الطبيعة المُتجددة. على سبيل المثال، يُقال إن الأمطار الوسمية تؤدي إلى زيادة الإنتاج الزراعي، مما يساعد في تعزيز الأمن الغذائي للمجتمعات المحلية. هذا الموسم يذكرنا أيضًا بأهمية فهم الأنماط المناخية التقليدية في مواجهة تحديات التغير المناخي الحديث، حيث يمكن أن تساعد معرفة مثل هذه الفصول في وضع استراتيجيات مستدامة للزراعة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
بداية موسم الأمطار
مع بداية موسم الأمطار في الوسم، يشهد المنطقة تحولًا ملحوظًا في المناخ، حيث تنتقل من جفاف شديد إلى رذاذ مُعطي ومطر غزير يستمر لأسابيع. هذا التحول ليس عفويًا، بل هو جزء من دورة طبيعية تتكرر سنويًا، وفقًا للتقاليد القديمة التي تربط بين الأحداث السماوية والأرضية. على وجه التحديد، يُقال في التراث العربي أن “احسب من أول مطر الوسم سبعين يومًا، يظهر الفقع”، مما يعني أن هذه الأمطار الأولى تشكل مؤشرًا لظهور الفواكه والنباتات البرية بعد فترة وجيزة. هذا الاقتباس يعكس الحكمة الشعبية التي ورثتها الأجيال، حيث كان الناس يعتمدون على هذه الملاحظات لتخزين الطعام وإدارة الموارد. في السياق الحديث، يُذكر هذا الموسم بعض الدروس القيمة حول التكيف مع البيئة، خاصة في ظل الظروف المناخية المتقلبة. على سبيل المثال، يساعد فهم بداية هذا الموسم في تنظيم النشاط الزراعي، حيث يمكن للمزارعين الاستفادة من الأمطار لزراعة المحاصيل الموسمية وتعزيز الإنتاجية. كما أن هذا الفصل يبرز أهمية الحفاظ على التراث الثقافي في مواجهة التغييرات البيئية، مما يجعل من موسم الوسم رمزًا للتوازن بين الإنسان والطبيعة. في نهاية المطاف، يظل هذا الموسم ذكرى حية لكيفية تأثير المناخ على الحياة اليومية، مما يدفعنا للتأمل في مستقبل أكثر استدامة.
تعليقات