سبق لي أن تناولتُ في مقالات سابقة قضية تعرفة استهلاك المياه في المباني المخصصة للحجاج والمعتمرين، حيث أثار تطبيق شركة المياه الوطنية للتصنيف التجاري جدلاً واسعاً. أعتقد أن هناك حاجة ماسة لتعديل هذا النهج، بناءً على توصية لجنة تشكلت بتوجيه من وزير المياه سابقاً، والتي أكدت على التمييز بين المباني التي تستخدم طوال العام وبين تلك المخصصة للموسم فقط. هذه المباني، الموجودة أساساً في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تبقى خالية غالبية العام، مما يجعل تطبيق تعرفة موحدة غير عادل.
تعرفة المياه في المباني الموسمية
في الواقع، يوجد فجوة كبيرة بين الواقع والسياسات الحالية، حيث تُعامل هذه المباني كأنها تجارية على مدار العام، رغم أنها تستخدم لفترات قصيرة فقط. اللجنة المذكورة اقترحت تعريفة مزدوجة: واحدة لموسم الحج تتناسب مع الاستهلاك المرتفع، وأخرى للباقي من السنة تكون أقل لتعكس الاستخدام المنخفض. هذا الاقتراح يأخذ بعين الاعتبار أن بعض هذه المباني تُؤجر لمواطنين عاديين، مثل الطلاب والمرشحين للدورات التدريبية، الذين يعانون من ارتفاع التكاليف مقارنة بالمباني السكنية العادية. على سبيل المثال، يُفرض السعر التجاري على هذه المباني حتى لو كانت مأهولة بأشخاص ليسوا مرتبطين بالحج، مما يفاقم أزمة السكن لأصحاب الدخل المحدود.
سعر الاستهلاك للمباني المتخصصة
للإيضاح، هناك تفاوت واضح في أنواع المباني: بعضها يعمل كفنادق طوال العام ويستحق التصنيف التجاري، بينما الأخرى تُخصص للحجاج فقط وتُخلى بعده، ولا تكون مرغوبة بسبب موقعها البعيد عن المسجد الحرام. هذا التمييز يتوافق مع جهود الدولة في حل أزمة السكن، حيث تشجع على إنشاء المساكن وتدعم المستثمرين، لكن تطبيق تعرفة واحدة يعيق هذه الجهود. حسب تقديري، تشكل المباني الموسمية أكثر من 60% من الإسكان المتاح، وقد تحل مشكلة السكن للكثيرين إذا تم تعديل التعرفة. مع التحول الرقمي، أصبح من السهل تمييز هذه المباني عبر التصاريح الإلكترونية، سواء من وزارة الحج أو وزارة السياحة، التي بدأت منح تصاريح موسمية للنزل المؤقتة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لشركة المياه أن تضمن توازنها المالي بطرق بسيطة، مثل فرض سعر تقديري خاص خلال موسم الحج، أو إضافة رسوم بسيطة على جميع المستهلكين لتعويض أي خسائر. هذا النهج سيدعم التكافل الاجتماعي ويساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى توفير سكن لائق لكل مواطن. إذا استمرت الشركة في تطبيق التعرفة الحالية، فإن ذلك لن يساعد في تخفيف العبء على محدودي الدخل، الذين يعتمدون على هذه المباني لتلبية احتياجاتهم اليومية. لذا، أرى أن مراجعة هذا القرار واجب وطني، وسأثق بأن الإمارة في مكة ستدعم هذا التعديل لخدمة الصالح العام. في نهاية المطاف، إذا تم تبني نظام التسعيرتين، سيكون ذلك خطوة هامة نحو حل مشكلات السكن ودعم الجميع، سواء كانوا حجاجاً أو مواطنين عاديين.
تعليقات