الإمارات وأوزبكستان تعقدان اجتماعات ثنائية حول مكافحة الجرائم الاقتصادية
مقدمة
في خطوة تُعد جزءاً من الجهود الدولية لمكافحة الجرائم الاقتصادية، عقدت الإمارات العربية المتحدة وأوزبكستان سلسلة من الاجتماعات الثنائية لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الفساد، غسيل الأموال، والجرائم المالية الأخرى. جرت هذه الاجتماعات مؤخراً في أبو ظبي، وشارك فيها وفود من كلا البلدين، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز الأمن الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وأسيا الوسطى. هذه الاجتماعات تأتي في وقت يشهد فيه العالم تزايداً في التحديات الاقتصادية الناشئة عن الجرائم المالية، خاصة مع التطورات التكنولوجية التي تسهل وقوعها.
خلفية الاجتماعات
تُعد الجرائم الاقتصادية، مثل غسيل الأموال والاحتيال المالي والفساد، من التهديدات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد العالمي. وفقاً لمنظمة الشراكة العالمية لمكافحة الفساد (FATF)، يُقدر حجم غسيل الأموال عالمياً بأكثر من 2 تريليون دولار سنوياً، مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي ويقلل من فرص النمو. الإمارات، كمركز تجاري رئيسي في الخليج، تواجه تحديات في مكافحة هذه الجرائم بسبب حجم التدفقات المالية الهائلة من خلال دبي وأبو ظبي. أما أوزبكستان، وهي دولة مزدهرة في أسيا الوسطى، فتعمل على تنويع اقتصادها بعد سنوات من الإصلاحات، مما يجعلها عرضة للجرائم الاقتصادية الناشئة عن التبادل التجاري الدولي.
شهدت العلاقات بين الإمارات وأوزبكستان تطوراً إيجابياً في السنوات الأخيرة، حيث تبلغ قيمة التجارة بين البلدين أكثر من 1.5 مليار دولار سنوياً، وفقاً لإحصاءات وزارة الاقتصاد في الإمارات. ومن ثم، فإن هذه الاجتماعات تأتي كامتداد لجهود سابقة، بما في ذلك اتفاقيات التعاون في مجال الأمن والتجارة التي تم التوقيع عليها خلال زيارة رئيس أوزبكستان، شوكت ميروماتوف، إلى الإمارات في عام 2022.
تفاصيل الاجتماعات ومناقشاتها
انعقدت الاجتماعات الثنائية على مدار يومين، بدءاً من 15 أكتوبر 2023، برعاية وزارة الداخلية الإماراتية ووزارة الشؤون الداخلية الأوزبكية. شارك فيها مسؤولون كبار، بما في ذلك مدير عام الجهاز الاتحادي لمكافحة الفساد في الإمارات، ونظيره الأوزبكي، إلى جانب ممثلين عن البنوك المركزية في كلا البلدين. خلال الاجتماعات، تم مناقشة عدة نقاط رئيسية، منها:
- تبادل المعلومات: اتفاق على إنشاء آلية لتبادل البيانات الاستخباراتية حول الجرائم الاقتصادية، بهدف اكتشاف ومنع عمليات غسيل الأموال عبر الحدود.
- التدريب والتكنولوجيا: التزام الجانبين بإجراء ورش عمل مشتركة لتدريب المحققين على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في كشف الاحتيال، مع الاستفادة من الخبرات الإماراتية في مجال التكنولوجيا المالية (FinTech).
- التشريعات والتنسيق: استعراض التشريعات القانونية الحالية في كلا البلدين، ووضع خطط لتوقيع اتفاقية جديدة لتعزيز التعاون القانوني، بما في ذلك تسليم المجرمين ومشاركة الأدلة.
أكد الجانب الإماراتي، في بيان رسمي، أن “هذه الاجتماعات تُعزز من دور الإمارات كحارس للأمن الاقتصادي العالمي”. في المقابل، قال وزير الشؤون الداخلية الأوزبكي: “نحن ملتزمون بالشراكة مع الإمارات لمواجهة الجرائم التي تهدد مستقبل اقتصادنا، وهذه الاجتماعات ستكون خطوة حاسمة نحو ذلك”.
أهمية التعاون وتأثيره
يعكس هذا التعاون الثنائي التزام دول مثل الإمارات وأوزبكستان بالمبادئ الدولية لمكافحة الجرائم الاقتصادية، كما هو محدد في اتفاقيات منظمة الأمم المتحدة وFATF. بالنسبة للإمارات، يعزز هذا التعاون صورتها كوجهة آمنة للاستثمارات، خاصة مع تصنيفها كأحد أفضل الدول في مكافحة الفساد وفقاً لمؤشر الشفافية الدولي. أما بالنسبة لأوزبكستان، فإن الشراكة تساعد في تعزيز الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها الحكومة في السنوات الأخيرة، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
في السياق الإقليمي، تُعد هذه الاجتماعات جزءاً من جهود أوسع لتعزيز التعاون بين دول الشرق الأوسط وأسيا الوسطى، خاصة مع تزايد التهديدات الناشئة عن الجرائم الرقمية. على سبيل المثال، أدى الانهيار الاقتصادي العالمي الناتج عن جائحة كوفيد-19 إلى زيادة حالات الاحتيال عبر الإنترنت، مما يجعل التعاون الدولي أمراً حيوياً.
خاتمة
تُشكل اجتماعات الإمارات وأوزبكستان حول مكافحة الجرائم الاقتصادية نموذجاً للتعاون الدولي الناجح، حيث يتيح للبلدين مواجهة التحديات المشتركة بفعالية. مع توقيع اتفاقيات جديدة وتنفيذ البرامج المشتركة، من المتوقع أن يؤدي هذا التعاون إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الثقة بين المستثمرين. في عالم متصل كما هو اليوم، تظل الشراكات مثل هذه ضرورية لضمان مستقبل أكثر أماناً وعدالة. ومع استمرار الجهود، قد تشهد المنطقة تقدماً ملحوظاً في مكافحة الجرائم الاقتصادية.
تعليقات